الزيادة السكانية الكبيرة التي شهدتها مدينة الباب بريف حلب الشرقي، بعد عمليات التهجير القسري، وعودة كثر من الأهالي إلى المدينة، والتي يزيد عدد سكانها عن 200 ألف نسمة، وضعف الخدمات الطبية (يوجد مشفى عام وحيد في المدينة)، خاصة في بعض الاختصاصات (نسائية –أطفال) فرضت واقعاً صحياً دفع المكتب الطبي في المدينة إلى إيجاد حلول من شأنها تخفيف الضغط وتقديم الخدمات، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية التي تعنى بالشأن الصحي.
يقول عبد الله الراغب مدير الخدمات الطبية في المجلس المحلي لمدينة الباب “إن الحاجة الملحة دفعت المجلس بالتنسيق مع منظمة سيما (الرابطة الطبية للمغتربين السوريين) إلى افتتاح مركز الفارابي (نسائية أطفال) منذ شهر تموز الماضي”.
وبحسب الراغب فإن المركز، بداية، كان عبارة عن عيادات للنسائية والأطفال، ليتم فيما بعد، توسيعه ليضم قسماً للولادات القيصرية، وحاضنات الأطفال، إضافة إلى مخبر وصيدلية.
يضم المركز ثلاث حاضنات للأطفال، ويسعى القائمون عليه إلى زيادة العدد لتصبح ست حواضن، بحسب حسن بكور (المدير الإداري للمركز)، والذي اعتبر وجود “الحواضن” أمراً “ملحاً” نظراً لافتقار المشفى العام الوحيد في المدينة لمثل هذه الخدمة.
وهو ما أكده الطبيب محمد (المدير الطبي للمركز)، والذي قال “إن أقرب مشفى عام يحتوي على الحاضنات هو في قرية أخترين التي تبعد 30 كم عن مدينة الباب”، وهو ما يشكل عبئاً مادياً على الأهالي، مع صعوبة توفر مكان في أخترين، نظراً لأعداد الأطفال الكبير في المنطقة، في حين تبلغ كلفة الليلة الواحدة في حاضنة المشافي الخاصة ما يقارب (15ألف ليرة)، ويفتقر المركز إلى “غواصة” لعلاج الأطفال المصابين بـ “اليرقان”، مع وعود من المنظمة الداعمة بتقديمها خلال الفترة القادمة، بحسب المدير الطبي.
كما ساعد افتتاح قسم للعمليات القيصرية في المركز بتخفيف العبء عن مشفى الحكمة، إذ يبلغ المعدل الوسطي للولادات الطبيعية والقيصرية (120 ولادة) شهرياً، بحسب حسن بكور المدير الإداري للمركز، الذي قال إن المركز يستقبل في عياداته وسطياً (170 مراجعة بين نساء وأطفال) يومياً، مؤكداً أن جميع التحاليل المتعلقة بالأمراض النسائية وأمراض الأطفال متوفرة بشكل مجاني، و60% من الأدوية يقوم المركز بصرفها، بحسب توافرها.
وتبلغ كلفة الولادة الطبيعية في المشافي الخاصة (25ألف ليرة) في حين تزيد كلفة العملية القيصرية عن (60 ألف ليرة)، وهو ما لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي لسكان المدينة، خاصة الوافدين والذين يزيد عددهم عن (100 ألف شخص)، ويشكلون النسبة الأكبر من مراجعي المركز حوالي (55%)، بحسب البكور.
يعمل المركز على مدار الساعة، كافة أيام الأسبوع، ويعالج “أمراض الأطفال المتوسطة والخفيفة”، ويحتوي على 6 أسرة للمتابعة العلاجية، كما يخدم المركز المخيمات التابعة لمدينة الباب، عبر عيادات متنقلة تزور ثلاث مخيمات أسبوعياً، بشكل دوري، وبواقع (ثلاثة أيام في مخيم بزاعة، ويومان في مخيم الشرقية، ويوم في مخيم الكعيبة)، بحسب حمزة العمري (المدير الإداري للعيادة والصحة الإنجابية)، والذي أضاف “إن العيادات المتنقلة تقدم الخدمات الطبية النسائية عبر قابلة وعدد من الممرضات، كما تقدم الأدوية المجانية، إضافة إلى خدمات الصحة المجتمعية وإدارة الحالة”، ويراجع العيادات وسطياً ما يزيد عن 40 حالة مرضية، في أوقات الدوام التي تبدأ في الساعة الثامنة صباحاً وحتى لثالثة عصراً، عدا يوم الجمعة.
يأمل القائمون على المركز في توسيعه ورفده بالإمكانيات اللازمة لمساعدة الأهالي، وافتتاح مراكز باختصاصات جديدة، من شأنها تحسين الواقع الصحي في المدينة، وتخفيف الضغط والأعباء المادية عنهم.