تبدأ نبتة الجيجان بالإفراز الرحيقي لأزهارها في الفترة الممتدة من نهاية شهر تموز إلى أوائل شهر آب، ومع بداية هذا الإفراز يتسابق “النحّالون” مع الأهالي للاستفادة من هذا الرحيق، ففي الوقت الذي تعدّ فيه هذه النبتة واحدة من أهم المراعي للنحل في المنطقة لإنتاج عسل الجيجان ذي الجودة العالية، والمرغوب به لنكهته الممتازة ولونه الفاتح الذي يميل إلى حد ما إلى الأصفر، نظراً للون زهرة “الجيجان”، يعمل الأهالي إلى قطف النبتة ومعالجتها لتنكيه “قطر” المربى، فيكتسب طعماً أشبه بطعم العسل.
والجيجان نبات حولي ذو ساق رفيعة جرداء ملساء، أوراقه جرداء بيضوية منعكسة مثلثية أو ملعقية أو منفرجة بطول 1-3 سم صغيرة التسنن، وأوراقه صفراء اللون باهتة، ويحدث الإثمار في النبتة خلال شهري حزيران وتموز. وله أسماء عديدة بحسب المنطقة: فيسمى في المنطقة الشمالية “جيجان” وفي الشرقية “البقلة” وفي الجنوبية “الحلاب” ويطلق عليه البعض “الحلبوب” أو “حليب البوم” أو “حلبوب الشمس”.
يقول محمد أبو رضا “أحد مربي النحل في الشمال السوري” إن أفضل أنواع الجيجان هو ذاك الذي يكون شكله كـ “الدولاب في تدويره وتكبيسه على بعض”، وينبت في الأراضي الحمراء والسوداء، وينتشر بكثرة في أراضي العدس والكمون ويظهر في أراضي الشعير والحنطة عندما يكون المطر وفيراً في فصل الربيع.
ويتواجد الجيجان بكثرة في أراضي الخط العاشر من سهل الغاب والروج والعمق مروراً بإدلب ثم الريف الشمالي والشرقي، ويظهر في بداية فصل الربيع منتصف شهر آذار، ويبدأ الافراز الرحيقي من 25/7 حتى 5/8 في هذه المناطق، وهي الفترة التي يستفيد منها النحالون من نبتة الجيجا، وخصوصاً في الساعة العاشرة صباحاً إذ يكون الإفراز في أوجه، هذا الإفراز يكون بشكل مادة حليبية، تحتوي على مواد سامة ومطاطية وصمغية وقد استعمل قديماً لإزالة مسامير اللحم والثآليل، وإذا تعرضت له العين أو الجفون أحدث فيها التهابات خطيرة، ولا تأكله المواشي، ويسبب حرقة في الفم وتورم اللسان وآلام معوية والدوخة وفي الغالب الموت.
وتكون أرض الجيجان مرعى أساسياً للنحل، ويُعدّ عسله من أكثر الأنواع تسويقاً (متل الدولار شقد في عندك عسل التاجر بياخد) ويستفيد النحالين من النبتة لمدة 45 يوماً،
بينما يعتمد الأهالي منذ القدم على نبات الجيجان لتطعيم المربيات ودبس العنب، يقول محمد أبو رضا نقلاً عن جدته ” من حد وكدي كانت امي بتحطو للمربى ودبس العنب”.
وعن كيفية استخدامه تحكي أم محمد “بعد ان أقطف التين أرتبه بإتقان في طنجرة كبيرة على طبقات، بين كل طبقة ترش القليل من السكر، فكل كيلو من ثمار التين يحتاج إلى نصف كيلو سكر، وبعد الانتهاء من رش السكر أضيف له ملعقة من حمض الليمون ليعقد القطر، ويصبح لونه فاتحاً، وأغلق الطنجرة حتى صباح اليوم التالي، أُشعل النار من جديد تحت الطنجرة في الصباح الباكر حتى يبدأ قطر التين بالغليان، ثم أحضر الجيجان بعد ربطه كباقة من النعناع، وأقوم بتحريك المربى به لمدة ربع ساعة، ثم أزيله وأطفئ النار، ويكتسب وقتها اللون الأحمر، وأقوم بتبريده ثم تصفيته وأضعه تحت أشعة الشمس لمدة أسبوع كامل، ثم أقوم بتعبئته في (قطرميز) من البلور”.
ولنبتة الجيجان مهمة أخرى بحسب الحجة سلوى التي قالت إن أهالي القرية كانوا يجدلون سوق النبتة وأوراقها ويحولونها إلى “مقشة” لتنظيف الأراضي.
كما أورد الغافقي في كتابه عن الطب القديم أن نبات الجيجان كان يستخدم سابقاً لأغراض طبية في معالجة مرض “الكتام” إذ أن حليب النبتة يسبب الإسهال وينفع في الاستسقاء.