علاج اللشمانيا في مستوصف الباب الصحي -خاص فوكس حلب
ليس جديداً انتشار مرض اللشمانيا (حبة حلب) في سوريا إذ تضم سوريا بالإضافة إلى خمسة دول أخرى 90% من عدد المصابين في العالم، إلّا أن السنوات الأخيرة في سوريا ومنذ بداية الحرب أدت إلى زيادة كبيرة في أعداد المصابين، رافق ذلك نقص في الأدوية المعالجة وغياب للطرق الوقائية، وضعف في الاستجابة من قبل مديريات الصحة والمجالس المحلية والمنظمات الإنسانية.
ومع بداية فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة (فترة نشاط الذبابة المسببة للمرض) يدق ناقوس الخطر في المناطق المحررة، وتنذر المؤسسات الصحية والمجالس المحلية بكارثة صحية ستطال (إن لم تتوافر الحلول) معظم المناطق السورية.
ظروف مواتية في إدلب
طفلة مصابة باللشمانيا مخيم الكمونة خاص فوكس حلب
الزيادة السكانية التي شهدتها المناطق المحررة في الآونة الأخيرة سواء في محافظة إدلب أو أرياف حلب، والزيادة الكبيرة في عدد المخيمات خاصة المخيمات العشوائية غير المخدمة والتي أنشئت غالباً على أراضٍ مستأجرة بالقرب من مكبات القمامة أو خطوط الصرف الصحي المكشوفة، مع تواجد بقع من المياه الراكدة الآسنة، شكلت البيئة الأهم لانتشار وتكاثر ذبابة الرمل المسببة لمرض اللشمانيا. يقول أبو عمر عليوي أحد سكان المخيمات العشوائية على الطريق بين سرمدا ومعرتمصرين في إدلب “يمر بالقرب منا نهر من الصرف الصحي المكشوف، كما لا تقوم المجالس المحلية برش المبيدات الحشرية اللازمة، منذ أكثر من سبعة أشهر ونحن في المخيم ولم يأت إلينا أي من النقاط الطبية الجوالة، ولا يوجد مستوصف في المخيمات، علماً أن هناك أكثر من 30 إصابة باللشمانيا في مخيمنا وحده”.
ويحمّل أنس دغيم مسؤول اللشمانيا والمراكز الصحية في إدلب المجالس المحلية والبلديات المسؤولية في انتشار المرض وذلك بسبب عدم ترحيل القمامة وعدم بخ البؤر الموبوءة بالمبيدات الحشرية اللازمة، والقيام بمشاريع تغطية الصرف الصحي.
من جهتها حمّلت المجالس المحلية المسؤولية للمنظمات الإنسانية والخدمية، بعدم الرد على المناشدات والمشاريع التي قدّمت من خلال المجالس إليها لتغطية كلفة هذه المشاريع وتقديم المبيدات الحشرية والأدوية اللازمة. فبحسب حسن السردي ني رئيس المجلس المحلي في أرمناز” منذ خمس سنوات ونحن نتوجه إلى الجهات المسؤولة والمنظمات المحلية دون أي رد، مشروع النظافة توقف الدعم عنه منذ سنتين، وطلبنا مبيدات لبخ المناطق الموبوءة دون فائدة أو رد من أحد، وإمكانية المجالس المحدودة”.
الصرف الصحي المكشوف قرب مخيم الكمونة في ريف حلب – خاص فوكس حلب
يضاف إلى الأسباب السابقة الدمار الذي خلّفة القصف على القرى والبلدات، والذي دمّر البنية التحتية والمنازل وحولها إلى أماكن مهجورة تكثر فيها انتشار ذبابة الرمل بالإضافة إلى القوارض التي تحمل الطفيلي المسؤول عن حبة اللشمانيا، وتدمير المشافي والنقاط الصحية.
في ريف حلب الشرقي الأعداد في ازدياد
يقول الدكتور شواخ الزرزور طبيب الأمراض الجلدية في مستوصف مدينة الباب الصحي “إن أكثر من 200 حالة تراجع المركز بشكل يومي للعلاج من اللشمانيا، منها 25 إصابة جديدة يومياً”، تلك الأرقام ستتزايد في فصل الصيف القادم، وذلك لأن الإصابات تظهر بمدة تتراوح بين شهرين إلى ست أشهر، وهذا يدلّ على أن الإصابات الحالية أتت من الفترة الماضية.
ويكمل الطبيب “لا توجد أدوية في معظم المستوصفات لعلاج اللشمانيا، ومنذ أشهر ونحن نعتمد على أدوية منتهية الصلاحية بفعالية قليلة في العلاج” وتغيب هذه الأدوية (منتهية الصلاحية) في معظم المستوصفات ويتطلب الأمر تحويل المريض إلى مناطق بعيدة للحصول على العلاج الذي يستمر لأشهر في الكثير من الحالات.
كما تغيب الأدوية عن الصيدليات في المنطقة، فمعظم الصيدليات لا تتوفر فيها الحقن العضلية اللازمة للعلاج، وإن وجدت فهي منتهية الصلاحية وتباع ب 500 ليرة للأمبولة الواحدة، إذ يحتاج المريض لكورس علاجي (21) حقنة للعلاج.
ويحصل المستوصف الوحيد لعلاج اللشمانيا في مدينة الباب على أدويته من مشفى الحكمة ومشافي المنطقة، وعلى الرغم من قيام المجلس المحلي بخطة الرش المتبعة والتي تستمر من الشهر الثالث وحتى العاشر من كل سنة، إلّا أن الإصابات في ازدياد، ويأمل عبد الله الراغب عضو المكتب الطبي في المجلس المحلي لمدينة الباب بنقص الإصابات هذا العام مع حملات الرش التي تتخذها البلدية وهي “ألمانية الصنع تقدمها بلدية عينتاب”، وقام المجلس بتخصيص رقم استجابة طارئة للمواطنين لتلبية اتصالاتهم حول البؤر التي تنتشر فيها ذبابة الرمل، كما قام المجلس بالتعاون مع مكتب التثقيف الصحي بتنظيم حملات توعوية بهذا المرض وطرق الوقاية منه وعلاجه على مستوى المعلمين والمدارس والمساجد بالتعاون مع مكتب التربية والأوقاف.
ويرى الراغب أن معظم هذه الإصابات تتركز في الأرياف وفي المخيمات العشوائية غير النظامية والتي يملك أصحابها “المواشي”، بالإضافة إلى عمل الأطفال “بلم النايلون والأدوات البلاستيكية” من القمامة ما يجعلهم عرضة للإصابة.
علاج اللشمانيا في مدينة الباب -خاص فوكس حلب
اللشمانيا (علاج –وقاية)
اللشمانيا مرض طفيلي تنقله ذبابة الرمل وهي (ذبابة صغيرة من 1.5-4 ملم) غالباً لا ترى في العين المجردة وتنشط في الفترة المسائية وتعد الأماكن الرطبة والمهجورة ومكبات القمامة والمياه الآسنة، المكان الرئيس لتواجدها.
لا تستطيع ذبابة الرمل الطيران إلا على ارتفاعات قليلة لا تتجاوز المتر وتعتمد على القفز ولا تقطع الذبابة طيلة حياتها مسافة 100 متر بحسب الدراسات.
ذبابة الرمل
وتنقسم اللشمانيا إلى قسمين: اللشمانيا الجلدية: وتصيب الجلد في المناطق المكشوفة على شكل حبة حمراء بيضوية أو دائرية
اللشمانيا الحشوية وتصيب الأعضاء الداخلية كالكبد والطحال ونقي العظام وغالباً ما تؤدي إلى الموت
تعالج اللشمانيا بالحقن العضلية “غلوغانتيم أو بنتوستام”، وتستخدم كحقن موضعية أو عضلية.
وتعتبر معالجة المياه الآسنة وبخ المبيدات الحشرية والامتناع عن تربية الحيوانات في المنازل ومعالجة مكبات القمامة وارتداء الملابس التي تغطي المناطق المكشوفة كاليدين والقدمين من أهم الطرق الوقائية للحد من هذا الوباء.