فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الرياض وسوتشي وجنيف، هل اتفقت على بقاء الأسد؟

الرياض وسوتشي وجنيف، هل اتفقت على بقاء الأسد؟

واحد وخمسون عضواً جديداً حالياً سيفاوضون النظام على الحل السياسي في سوريا، واحد وخمسون عضواً من أصل المئة والثلاثة والأربعين الذين حضروا مؤتمر الرياض 2 في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من الشهر الحالي، وجاء نصر الحريري الأمين العام للائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة رئيساً لهيئة التفاوض، وتمثل الائتلاف الوطني بعشرة أعضاء ومثلهم عن الفصائل العسكرية التي تشارك معظمها في الآستانة، وهيئة التنسيق الوطني بستة أعضاء، ومنصتا موسكو والقاهرة كل منهما بأربعة أعضاء، في حين هناك ستة عشر عضواً مستقلاً منهم اثنان من ممثلي الشعائر.

في ظل تشكل هيئة جديدة في مؤتمر الرياض الموسع، كان لا بد وحسب البروتوكول الجاري في هكذا مؤتمرات تسليم رئيس المفاوضات العليا السابق لاحقه مهامه، لكن لم يكن رياض حجاب من بين الحاضرين، فقد قدم استقالته قبل يومين من تاريخ المؤتمر مع مجموعة من أعضاء الهيئة، وجاء في بيان الاستقالة أنه يرفض الانصياع للضغوطات التي تسعى للإبقاء على بشار الأسد في السلطة.

منصة موسكو أعلنت بداية عن انسحابها من المؤتمر، إلا أنها شاركت وبقوة لفرض رؤيتها في مجرياته، وقبل مؤتمر الرياض بدأ صراع دبلوماسي  وسياسي دولي على عقد مؤتمرين قادمين حول الملف السوري، الأول دعت إليه روسيا عن طريق أعلى مستوى دبلوماسي في البلاد، رئيس الدولة فلاديمير بوتين، وكان من المزمع انعقاده في حميميم في سوريا، وباسم مؤتمر “شعوب سوريا”، ثم تم تعديل المكان والاسم بسبب ضغوط دولية أشدها كان الانتقادات الفرنسية لمكان المؤتمر، وأخرى على مستوى بعض قوى المعارضة التي أبلغت الروس مدى الحرج، من المشاركة في هكذا مؤتمر، فعادت الشعوب السورية في نظر الروس شعباً واحداً، وبات المؤتمر مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي سيعقد في سوتشي.

 سيناقش المؤتمر حسب الروس نظم دستور جديد للسوريين ضامن لحقوق جميع مكونات الشعب السوري، أي تفريغ الثورة من مضمونها، وتحويلها من نضال شعب ضد نظام ديكتاتوري إلى اقتتال طائفي، وبالتالي اجتراح صفة جديدة للأسد لها بعدها الطائفي، وعزله عن الصراع بصفته السياسية.

رأى البعض في مؤتمر الرياض 2 رداً على الدعوة الروسية لمؤتمر سوتشي، وذلك لأنه مبني على إعادة تشكيل موسع لهيئة التفاوض العليا للمعارضة، التي شكلها مؤتمر الرياض 1 عام  2015، تحضيراً للمفاوضات تحت الغطاء الأممي، وخاصة أن المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي مستورا حدد 28 الشهر الجاري منطلقاً لجنيف 8، بالتزامن مع إعلان بوتين عن مؤتمر سوتشي في الثاني من الشهر القادم، ولكن لو أن هذا المؤتمر يهدف لتفريغ مؤتمر سوتشي، فماذا يفعل أعضاء منصة موسكو هناك، وعلى اعتبار أن المعارضة السورية بمنصاتها المختلفة ومستقليها الممثلين لمنظمات المجتمع المدني والعشائر وغيرها، قد اجتمعت في الرياض لإنتاج وفد موسع يمثل المعارضة بالكامل، فمن سيجتمع في سوتشي خارج ذلك النطاق، وهل يحق للقوى المشاركة في مؤتمر الرياض 2، أن تشارك في سوتشي بأشخاص آخرين وتشكيل وفد آخر يفاوض هناك في حين يتجه وفد الهيئة العليا لجنيف؟ لم يعد الأمر يتطلب وفداً آخر، فعلى الرغم من تصريح الرئيس الروسي في القمة الثلاثية التي جمعته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني، وبحضور مسبق ومتزامن لبشار الأسد، من أن موعد مؤتمر سوتشي لم يتحدد بشكل نهائي، فإن المبعوث الأممي قد أعلن أن مؤتمر جنيف سيعقد على مرحلتين، الأولى بدأت في 28 تشرين الثاني وتنتهي في 1 كانون الأول، وكان وفد النظام قد تأخر عن الحضور إلى المؤتمر حتى اليوم التالي 29تشرين الثاني احتجاجاً على تمسك وفد المعارضة “بشروط مسبقة”، في إشارة إلى مطلب تنحي رئيس النظام بشار الأسد، ولم يأت إلاّ بعد ان تعهد دي مستورا للوفد بعدم التطرق إلى بيان الرياض والشروط التي تضمنها، والثانية تبدأ في 8 من كانون الأول، وهكذا يكون هناك فرصة للهيئة لحضور مؤتمر سوتشي؛ وبعيداً عن نية الهيئة الحضور من عدمه، ومع تأكيدها على عدم بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية كرد فعل على ما جاء في بيانات الأعضاء المستقيلين من الهئية السابقة، إلا أن البيان الختامي نفسه الذي أكد على أهمية رحيل الأسد، وتشكيل هيئة حكم انتقالي عرض ما هي الأسس الرئيسية للتفاوض، وأكد على دخول العملية دون أي شروط مسبقة، وأن كل شيء مطروح للتفاوض بما فيه موقع رئاسة الجمهورية، وليست مرجعية جنيف 1 وغيرها من القرارات الدولية سوى مرجعية مهمة في العملية التفاوضية، وليست أساساً للتفاوض، ومن الملفت للنظر في بيان الهيئة، الدعوة الفورية لإجراء مفاوضات مباشرة غير مشروطة، ومن ثم طالبت الأمم المتحدة بتنفيذ إجراءات فورية لتنفيذ قرارت مجلس الأمن من حيث إطلاق سراح المعتقلين، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة، وتطبيق اتفاق مناطق خفض التصعيد بحزم، وبالتالي فقد سقطت ورقة المعتقلين والمناطق المحاصرة من كونها شروط مسبقة لبداية التفاوض، وهكذا يستطيع وفد النظام القدوم للمفاوضات دون أن يتعب نفسه في إطلاق سراح معتقل واحد أو إدخال أي مساعدات غذائية للمناطق المحاصرة، فهذا لم يعد من مهام الهيئة العليا للمفاوضات بقدر ما هو من مهام الأمم المتحدة.

يرى المؤتمرون حسب بيانهم الختامي أن الغاية من التفاوض، الوصول إلى هيئة حكم انتقالية تستطيع تهيئة بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، هذه البيئة التي يحرص الأسد على عدم توفرها في حال رحيله، وأن المرحلة الانتقالية تنتهي بإقامة نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي الإدارة في سوريا الواحدة، وبالتالي فإن الهدف الرئيسي إصلاح دستوري وانتخابات نزيهة، تماما كما أشار إليه الروس في دعوتهم لمؤتمر سوتشي. اليوم يحضر الائتلاف الوطني بعشرة أشخاص مقابل أربعة عشر شخصاً لمنصات القاهرة وموسكو وهيئة التنسيق، وجماعة كبيرة من المستقلين الغير مرتبطين بالتزامات جماعية، وإنما يمكن أن تكون قراراتهم فردية، وهناك حديث عن آلية تعطيل القرارات إذا لم توافق عليها 75% من أعضاء الهيئة، وبالتاالي من السهل تمرير إبقاء الأسد، ورغم أن الروس تحدثوا عن عدم اكتراثهم لبقائه، فإن سياساتهم تبين أنه همهم الأول، وأنه يسعون لمنحه فرصة في دخول انتخابات قادمة.

لا بد أن لقاء فيتنام بين الرئيسين الروسي والأمريكي ما زال يحده الغموض في مخرجاته، ولكن وبعد القمة الثلاثية في سوتشي الذي تلاها هاتف بين الرئيس التركي رجب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، وما جرى من حديث عن إيقاف الدعم لل ب ي د من قبل الأمريكان حسب الإعلام التركي، وعن تصريحات أمريكية بتعديل في الدعم للفصائل الحليفة في سوريا، الذي من الممكن أن يصب في نفس خانة قطع الدعم عن قوات ال ب ي د، قد يجعل الأمر أشبه بوساطة روسية بين الأتراك والأمريكان مقابل دعم الأتراك مؤتمر سوتشي.

اليوم هناك مؤتمر برعاية أممية في جنيف، وآخر برعاية روسية في سوتشي، ويمكن للمؤتمرين أن يتلاقيا في الغايات في النظر للبيان الختامي لهيئة التفاوض، ولكن هل ستكون سوتشي هي أوسلو السورية، حيث المفاوضات الشكلية في جنيف والحل الحقيقي في سوتشي.

ما هو مؤكد أن الأسد لن يكون في المرحلة القادمة للآن، يأتي ذلك في المقدمة بناء على رفض الدول أصحاب المال في دعم عملية إعادة إعمار سوريا في حال بقاء الأسد، ولكن هذا مبني على رفض المعارضة له بالدرجة الأولى، فهل ستقدم هيئة التفاوض المتشكلة حديثاً فرصة جديدة للأسد في القبول ببقائه، مما يلغي شرط الدول الداعمة في مغادرته، أم أن أوروبا ترفض الأسد لأنه حليف الروس، والسعودية ترفضه لأنه حليف الإيرانيين، ولن يدعموا الإعمار ما لم يرحل؟ هل يمكن أن يكون رحيل الأسد بات رغبة دولية، وليس مطلباً محلياً، هل من الممكن أن يكون السوريون قد وصلوا لهذا الدرك السحيق؟؟؟؟

رعد أطلي