“المياه ممتازة ومعقمة وطعما كويس، والشاي يا عين رواق” هكذا عبّر عبد الحميد خزمة، أحد أهالي مدينة الباب الذي “يقف منذ أربع ساعات“، على حد قوله، في قارعة الطريق باحثاً عن صهريج يقبل الذهاب معه ليملأ له “براميله العشرة“، نظراً لأزمة المياه التي يعيشها أهل المدينة بعد أن قطعت قوات الأسد مياه الفرات عن المدينة، ولجوء المجلس المحلي في الباب إلى حلول إسعافية، حسّنت إلى درجة كبيرة توافر المياه وجودتها وتعقيمها، إلاّ أن ضعف الإمكانيات حال دون وجود حلول جذرية للمشكلة.
يحتاج الفرد بحسب دراسات ضمن المعايير العالمية، وبحسب مؤسسة المياه إلى “100 لتر من الماء” للشخص الواحد، إلاّ أن مدير دائرة المياه في المجلس المحلي لمدينة الباب، قال لفوكس حلب “إن واقع المناطق المحررة في سوريا وكوننا في مناطق منكوبة، فإن المجلس حدد الكمية ب 35 لتر للشخص الواحد”، وعليه وبعد عمليات حسابية إحصائية فإن “مدينة الباب تحتاج إلى 4000 متراً مكعباً من المياه بشكل يومي، بعد أن كانت محطة الخفسة سابقاً تضخ 10000متراً مكعباً إلى المدينة كل 13 ساعة، يتم توزيعها على جزء من أحياء الباب بالتناوب”.
الصورة لخزان تجميع الياه في الباب – أيلول/ ٢٠١٧ – ت: ابراهيم حسن.
حلول إسعافية للمياه في مدينة الباب
قام المجلس المحلي منذ أيام بإنشاء خزانين للمياه في المدينة سعة كل منها 400 متر مكعب، وقال رئيس الدائرة محمد ناجي “إنه سيتم تعبئة هذه الخزانات ثلاث مرات يومياً، الأمر الذي سيغطي 65% من حاجة المدينة وتحقيق الاكتفاء المائي للأهالي وذلك مع بعض الظروف الأخرى المساعدة، فبعض السكان لديهم آباراً في بيوتهم، كما يمتلك معظم أصحاب الأراضي آباراً في أراضيهم، الأمر الذي سيؤدي إلى تخفيف الضغط عن المدينة”.
يعمل على ملء هذه الخزانات بحسب رئيس الدائرة ” أربعة صهاريج تخص المجلس المحلي، اثنان منهما بسعة 60 برميلاً، وواحد بسعة 50 برميلاً وآخر بسعة 42 برميلاً، وقدمت الحكومة التركية للمجلس أربعة صهاريج أخرى، ونقوم حالياً بشراء المياه من آبار في قرية سوسيان التي تبعد 10كم عن المدينة، بعد أن نملأ الخزانات نقوم بتعقيمها وتوزيعها على صهاريج خاصة صغيرة، لتقوم بتخديم الأهالي في المدينة”.
ويعمل سائقي هذه الصهاريج “من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساء، بساعات عمل إضافية مأجورة، لنستطيع تخديم العدد الأكبر من سكان المدينة، كما تقوم الصهاريج بالتوزيع المباشر للمدارس وتجمعات النازحين والمساجد والدوائر الرسمية في المدينة، ما يشكل عبئاً إضافياً، هذا بالإضافة إلى المسافة التي تقطعها هذه الصهاريج 24كم ذهاباً وإياباً من البئر وحتى الخزانات ستة مرات يومياً”.
وكانت دائرة المياه في المجلس المحلي قد لجأت إلى شراء المياه من آبار خارج المدينة “لأن معظم آبار مدينة الباب نزحت ولم تعد هناك مياه كافية، هذا بالإضافة إلى أن الآبار الجنوبية والشرقية في المدينة ملوثة بمياه الصرف الصحي وغير صالحة للشرب حتى لو عقمت بالكلور، ويجري الاعتماد عليها لاستخدامات أخرى كري المزروعات والشطف والبناء، ونزوح البئر الذي تم حفره من قبل المجلس في وادي غرة” بحسب رئيس الدائرة.
ويعتمد المجلس على مياه الآبار الصالحة للشرب في قرية سوسيان بعد تحليلها في المخابر التركية وإثبات صلاحيتها للشرب وخلوها من الجراثيم وبالرغم من ذلك يقوم المجلس “بتعقيم المياه بمادة الكلور كإجراء إضافي لضمان تقديم مياه صالحة للشرب للمواطنين” على حد قول محمد ناجي الذي أضاف بأن الدائرة “تعتمد على القاعدة العامة في التعقيم، وهي ظهور النسبة الملائمة من الكلور الزائد في تحاليل العينات المخبرية، وهذا يعني أنها صالحة للشرب بنسبة 99%”.
ويعتمد المجلس على مادة الكلور في التعقيم على الرغم من وجود طرق أخرى “كالتعقيم بالأشعة فوق البنفسجية والتعقيم بالأوزون”، إلا أن “الطريقة الأسهل والأسرع هي التعقيم بمادة الكلور المتوفرة بكميات كبيرة، وقد كان المجلس سابقاً يمتلك كميات كبيرة من الكلور السائل كان يوزعها على الأهالي وأصحاب الصهاريج، ولكنه في الفترة الأخيرة صار يعتمد على حبة الكلور التي تعقم كل واحدة منها 9000 لتراً من المياه، وخوفاً من إساءة استخدامها، أو أن تتكلور المياه بنسبة كبيرة، لا يتم توزيعها على الأهالي، وتقوم الدائرة بتعقيم المياه في الخزانات التابعة لها”.
الصورة تعبيرية لأبناء المخيم يقومون بتعبئة المياه من صهريج ماء داخل المخيم ريف حلب الشمالي أيار/ ٢٠١٤ – ت: جلال المامو.
حدد المجلس المحلي سعر البرميل الواحد من المياه الصالحة للشرب بـ 75 ليرة سورية للصهاريج الصغيرة في المدينة التي تقوم بإيصالها إلى الأهالي بسعر 150 ليرة للبرميل، ويقول عبد الحميد خزمة من أهالي المدينة “في البداية كانوا يبيعون البرميل الواحد بـ 50 ليرة للصهريج الذي يوصله لنا بـ 100 ليرة، ولكنهم رفعوا السعر فجأة، لا نعرف السبب وراء هذا الارتفاع إن كان من المجلس أم من أصحاب الصهاريج؟؟”, رئيس دائرة المياه أوضح لفوكس حلب سبب ارتفاع سعر البرميل وقال “إن المجلس يدفع مبلغ 3000 ليرة ثمن 60 برميلاً لصاحب البئر، هذا بالإضافة إلى المصاريف التشغيلية من موظفين ووقود وتصليحات، وعلى الرغم من رفع السعر ما زال المجلس خاسراً ويقوم بدعم المياه لتصل بأسعار مقبولة إلى المواطن”.
لا يوجد في مدينة الباب سوى محطة معالجة مياه صغيرة، على أحد الآبار في قرية صوبيران تعالج “2000 لتر يومياً” يقوم المجلس بتوزيعها “على العائلات المسجلة في الحالات الاجتماعية وبعض النازحين من خلال عبوات سعة كل منها 10 ليترات، حيث نعاني من مشاكل في نقل هذه العبوات ولذلك سيتم نقلها إلى بئر في الحديقة العامة وسط المدينة لزيادة عدد المستفيدين من هذه المياه مستقبلاً”، حيث يحتاج بناء محطة معالجة المياه تغطي حاجة المدينة إلى “مبالغ مالية طائلة، بالإضافة إلى مصدر مياه غزير ودائم، في انتظار مياه نهر الفرات”
لم يشتكِ عبد الحميد خزمة وأبو محمد للمجلس المحلي رفض بعض سائقي الصهاريج الذهاب معهم إلى منازلهم لتعبئة بالمياه “فأصحاب الصهاريج ما بيقولوا ما منعبيلك بيقولوا ماسكين عشرة عالدور” بحسب أبو محمد الذي أضاف “نحنا الي بيوتنا بعيدة الصهاريج ما بتروح معنا، قال ما بتوفي معهون” تاركين الأمر “لنخوة أحد أصحاب الصهاريج بلكي بيعبيلون”.
ابراهيم حسن