ارتفعت معدلات التضخم في السوق السورية، منذ بداية الثورة 2011، الأمر الذي دعا حكومة الأسد، إلى اتخاذ إجراءات للحد من هذا التضخم، من خلال إصدار ورقة نقدية من فئة 2000 ليرة في 4/7/2017، ولا تعتبر هذه الخطوة جزء من حل مشكلة التضخم الحاصل، بل تعد مؤشراً عليه، ومعبّراً عن الانهيارات السريعة في العملة السورية أمام سلة العملات الأجنبية، فما عادت العملة من فئة ألف ليرة ذات مفعول اقتصادي، وودعت العملات المعدنية من فئة (1-5-10-25ليرة) الأسواق بشكل شبه نهائي.
وكانت حكومة الأسد، قد طرحت للتداول يوم الأحد الماضي، ورقة نقدية من فئة 2000 ليرة، يظهر عليها صورة بشار الأسد، وقال دريد ضرغام حاكم مصرف سوريا المركزي، في حكومة النظام “إن ورقة النقد فئة 2000 ليرة من بين أوراق نقد جديدة طبعت منذ أعوام، لكن قرار طرحها للتداول تأخر نظراً لظروف الحرب، وتقلبات سعر الصرف، وزيادة اهتراء أوراق النقد الحالية”.
ال 2000 ليرة ليست حلاً للتضخم وإصدارها جاء لأسباب نفسية
قال الخبير الاقتصادي، فادي سعد لفوكس حلب ” إن معدلات التضخم في سوريا، منذ بدء الثورة عام 2011 وهي في حالة تصاعدية، وقد وصلت ذروتها عام 2016 بزيادة 51% عن عام ،2015 بحسب المركز السوري للإحصاء، وبحسب نفس المصدر فان وسطي نسبة التضخم بين 2010-2015، قد ارتفع 510%، ما يشير إلى أن الاقتصاد السوري أصبح بحاجة لمعجزة حتى يعود الى الحياة، لا إلى طباعة فئة نقدية جديدة”.
وتعادل ورقة النقد الجديدة، نحو أربعة دولارات بأسعار الصرف الحالية، في حين سجلت العملة السورية مقابل الدولار 47 ليرة سورية لكل دولار، عام 2011.
ويشرح فادي أسباب إصدار إي دولة لفئة نقدية أكبر تتلخص في “انخفاض القوة الشرائية للعملات الصغيرة أو انعدامها (سابقا ألغيت الفرنكات ثم الربع والنص رسمياً)، أما غير الملغى رسمياً فقد أصبح ملغى بسبب فقدان قيمته (ليرة- ليرتين)، وخفض المرتجع من التالف من العملة كثيرة التداول، بحسب المستوى العام للأسعار فان هناك فئة أو أكثر من العملة الورقية سريع التلف، بسبب كثرة تداوله، لذلك تسعى الحكومة، إما إلى اصدار فئة أعلى أو إنتاج نوع ورقي أفضل وأكثر متانة، أو تحويله الى مسكوك (100 ليرة سابقا- 25) وخفض تكاليف الطباعة، لأن تكلفة انتاج الورقي، مساوية لجميع الفئات فإصدار عملة أكبر سيوفر من الطباعة ومساحات التخزين، وقد تصدر الحكومة فئات نقدية كبيرة لغرض التخزين وليس التداول الشعبي، مثل فئة المليون دولار في أمريكا، وغير المعدة للتداول، وإن كانت تحمل صفة إلزامية بالشراء، و قد تصدر فئات نقدية متموضعة بين فئتين نقديتين (فئة ال20 ريال في السعودية بين ال50 وال10)، وذلك قد يكون لتخفيف العبء عن تداول الفئات الأخرى، ولتسهيل أمور (الفراطة) بين الناس، وأسباب أخرى نفسية كوجود مناسبة، أو ذكرى (الجنيه المصري في قناة السويس) أو ترسيخ صورة أو مشهد معين ليشكل جزء من ذاكرة الشعب”.
أما في الحالة السورية فيقول الخبير الاقتصادي “إن الأسباب النفسية، هي السبب الرئيس لإصدار فئة ال2000 ليرة، وعليها صورة بشار الأسد، في خطوة لزيادة شرعيته من قبل مؤيديه، واستفزاز المناطق التي لا تخضع لسيطرته”.
بيانات لمقاطعة الفئة النقدية الجديدة وعقوبات تصل إلى السجن في حال تداولها:
أصدرت الحكومة السورية المؤقتة، يوم أمس الجمعة، بياناً قالت فيه “بناء على النظام الأساسي للحكومة، وعلى مقتضيات المصلحة العامة يمنع تداول العملة الورقية الجديدة” وكانت بعض المجالس المحلية في ريف حلب (أخترين – دابق- تركمان بارح) قد سبقت الحكومة المؤقتة، بإصدار بيانات وزعتها على الدكاكين ومحلات الصرافة، تمنع تداول العملة من فئة 2000 ليرة في المناطق الخاضعة لها، وإتلافها في حال وجدت، مع تعرض صاحبها لعقوبة السجن بعد إحالته إلى القضاء.
وقال خالد الديبو، رئيس المجلس المحلي في أخترين لمراسل فوكس حلب “إن البيان صدر بعد التواصل مع بعض الاقتصاديين في المنطقة، الذين أكدوا لنا أن قبول هذه الفئة، سيؤدي إلى تأكيد سيطرة العصابة الحاكمة، وبسط نفوذها على كامل المناطق المحررة، من خلال التحكم بالاقتصاد، و سحب القطع الأجنبي من المناطق المحررة، وتمويل حربها على الشعب الثائر، كما أن طرح ورقة كلفتها صغيرة بالقياس إلى قوتها الشرائية سيوفر فائضاً مالياً، وبناء عليه تم منع تداولها في المناطق المحررة، وبالاتفاق مع المجلس العسكري بمنطقتنا” وكانت هيئة الاقتصاديين الأحرار، قد أصدرت بياناً، حول موضوع إصدار النظام لفئة جديدة من العملة موضحة مخاطر تداولها.
وقال محمد أحمد بركات، رئيس المجلس المحلي في تركمان بارح، لمراسل فوكس حلب” إن وجود صورة بشار الأسد على العملة النقدية، وفي ظل هذه الظروف، وتداولها، يعتبر اعترافاً منا بوجوده وشرعيته، وإمعاناً في سياسة الإذلال التي ينتهجها ضد أهالينا في المناطق المحررة”، وأكمل بأنه “سيتم تشكيل لجان لإتلاف هذه الفئة النقدية، مع الأشخاص الذين يتداولونها وتحويلهم إلى القضاء”.
وكان إصدار العملة الجديدة، قد أثار موجة من الخلاف على وسائل التواصل الاجتماعي، بين المؤيدين والمعارضين، ففي حين تفاخر القسم الأول بالصورة على الفئة الجديدة سخر المعارضون منها وألفوا النكات عليها.
هل تؤثر مقاطعة ال2000 على اقتصاد الأسد؟
رأى الخبير الاقتصادي أن “للنقود المصدرة من أي حكومة، قوة إلزامية في الشراء، إذ من غير المنطقي، أن يذهب كل بائع ومشترٍ إلى البنك المركزي، للتأكد من غطاء عملتهم بالدولار، في كل عمليه تجارية، لذلك فإن الدعوة لمقاطعة الفئة الجديدة، هي أحد اشكال التحدي لسلطة الحكومة السورية، ولترسيخ الفصل بين المعارضة والنظام” وأكمل فادي “إن هذا القرار بالمقاطعة، لا يؤثر على الاقتصاد، بل هو موقف سياسي، طالما أن الفئات الأخرى من العملة ما زالت متداولة في هذه المناطق”.