يُعَدّ الشاعر حسن إبراهيم الحسن، من أهم الشعراء السوريين الذين تناولوا موضوع الحرب والثورة بطريقة حرفية عالية، وبرؤية مختلفة، حيث تناول موضوع الحراك الثوري، والحرب فيما بعد من زاوية إنسانية عالية، جعلته أهمّ الشعراء السوريين الذين تناولوا الوجع السوري بأدق تفاصيله شِعْراً .
حسن المولود في إحدى قرى الغوطة الشرقية والناشئ في مدينة حلب، حصل على العديد من الجوائز خلال العامين الأخيرين، كان أهمهما جائزة دبي، وجائزة "الطيب صالح"، وصدر له مجموعتان شعريتان "غامض مثل الحياة وواضح كالموت" و "خريف الأوسمة"، وكان حيّه "مساكن هنانو" الذي كان يقطنه حاضراً في مجموعتيه الشعريتين .
ولعل الحديث عن هذا الشاعر ـ الذي تناول شعره كبار النقاد العرب ـ لا ينتهي، فشعره هو الذي يتكلم عنه .
على باب القيامة القيامة
I
في الثورةِ انتصرَ الجميعُ
و عدّتُ وحدي خاسراً –
طفلٌ بلا أبوينِ يهتفُ في مظاهرةِ الصباحْ
.
طفلٌ ..
بزهرةِ ياسمين
يسدَّ فوَّهَةَ السلاحْ
*
II
أهديتُهُ كرةً ..
بلا قدمين عادَ
– تقولُ سيّدةٌ لعمّالِ الإغاثةِ –
لا أريدُ حذاءَ طفلٍ ، أو كُرَةْ
.
هوَ لا يحبُّ العيدَ
منذُ المجزرةْ ……..
*
III
ما بينَ نهدٍ خائفٍ ..
و فمٍ يجرِّبُ أولَ الأسنانْ
.
كانَ الحليبُ ..
نبوَّةَ امرأةٍ تروِّضُ وحشنا الإنسانْ
.
أمُّ الشهيدِ تقولُ لامرأةٍ :
إذنْ .. من أيِّ وحشٍ يرضعُ الضدّانْ
*
IV
طفلُ الشهيدِ ..
ببضعِ " ليراتٍ " يقايضُ معدناً صدئاً
و يحلمُ بالمزيدِ من الشظايا إذْ تهبُّ الطائراتْ
.
لَوِ قبلَ يومِ العيدِ تقصفنا – يقول ..
حقيبةً قد اشتري لشقيقتي ..
أو ربَّما " غزلَ البناتْ "
*
V
أمٌّ تُهَدهِدُ طفلها ..
بيدينِ راعشتين
تمسحُ عن مراياه الرذاذا
,
و الطفل يهذي
مثلَ جروٍ خائفٍ :
أمّي ..
لماذا الموت يكرهنا ..
لماذا ؟
.
الطائراتُ تمرُّ مسرعةً
فيركضُ ..
كي يؤثِّثَ من أصابعها ملاذا
*
VI
طفلٌ ..
تقشِّرُهُ المجاعةُ في الحصارِ ،
و ترتديهِ الأرصفةْ
.
يهذي :
إلهي ..
لو أموت !
الموت نافذةُ الجياعِ على الحياةِ المترفةْ
.
خذني إلى فردوسكَ العالي إلهي ..
كي أشمَّ الأرغفةْ !
*
VII
صدعٌ على المرآة ؛
حالي ما أرى ،
أم حالَها ؟
.
أم أنّهُ قبحُ الحقيقةِ ،
إذْ تقشِّرُ – كلّما اشتدَّ الحصارُ على الجياعِ –
ذئابُ إنسانيتي أوحالَها
.
شكراً لمن صنعَ المجاعةَ
كي تُقبِّلَ كفَ قاتلِها الضحيَّةُ ،
كي تقولَ لهُ : ( نَعَم ) !
شكراً لمن أوحى لها …
*
VIII
في الثورةِ انتصرَ الجميعُ
و عدّتُ وحدي خاسراً ! !