يسعى ” تنظيم الدولة الإسلامية” منذ نشأته إلى امتلاك المناطق والموارد الحيوية التي تضمن له الأستمرار كدولة، و تمكن من السيطرة على معظم حقول النفط في المناطق الشرقية من سوريا، والتي كان يقتسم السيطرة عليها كل من جبهة النصرة و الجبهة الاسلامية وبعض العشائر، ثم اتجه جنوباً ليسيطر على حقول النفط و الغاز في حمص بعد عدة معارك كر وفر بينه و بين قوات النظام .
وكان التنظيم في أواخر 2013 قد تمكن من إنتزاع المحطة الحرارية القريبة من مدينة السفيرة من قبضة النظام وهي المغذي الرئيس للكهرباء في حلب و ريفها .
لم تأخذ المعارضة على محمل الجد إمكانية استخدام التنظيم لهذه الموارد كسلاح ضدهم حتى تموز الماضي، حيث قام التنظيم بمنع دخول المازوت والبنزين إلى مناطق المعارضة أثر الاشتباكات التي دارت بين الطرفين بعد محاولته التقدم باتجاه مدينة مارع والتي تعد من أهم معاقل المعارضة المسلحة في الريف الشمالي .
أدى ذلك إلى تضاعف أسعار البنزين والمازوت في مناطق سيطرة المعارضة، تلاه إرتفاع الأسعار بشكل عام، وشلل في حركة النقل للمدنين والعسكريين على حد سواء و نفذ معظم مخزون الفصائل المعارضة من الوقود، كونها تعتمد بشكل رئيسي على المازوت و البنزين المكرر القادم من مناطق سيطرة “تنظيم الدولة الإسلامية”، بالأضافة إلى البنزين “النظامي” من مناطق سيطرة النظام .
ترافق ذلك مع إنقطاع خط الكهرباء الرئيسي الذي يغذي مدينة حلب من محطة زيزون بحماه نتيجة الاشتباكات قرب الراشدين، ورفض التنظيم تزويد مناطق المعارضة بالكهرباء من المحطة الحرارية بعد أن عقد إتفاقا مع النظام بتزويده بالكهرباء مقابل قيام الأخير بزيادة مخصصات المحطة من الغاز ليتمكن من تشغيل العنفة الرابعة .
أدى انقطاع التيار بالإضافة إلى منع دخول المازوت من قبل ” تنظيم الدولة ” إلى توقف بعض المشافي عن العمل جزئيا، واقتصر تشغيل المولدات فيها على الحالات الطارئة , وزاد من صعوبة الموقف تزامن هذه الأزمة مع قدوم شهر رمضان، إذ قام أصحاب المولدات برفع سعر “الأمبير” وبنسب متفاوتة بحجة تأرجح أسعار المازوت، دون وجود أي جهة قادرة على ضبط الأسعار، ورغم صدور عدة قرارت من “الهيئة الشرعية ومجلس القضاء الاعلى ” لضبط الأسعار إلا انها لم تدخل حيز التنفيذ لعدم وجود آلية واضحة تمكنهم من السيطرة عليها .
فصائل المعارضة بدورها قامت بمنع دخول الخضار والمواد الغذائية إلى مناطق سيطرة “داعش”، ما أدى إلى إرتفاع أسعار الخضار في كل من الباب و منبج على عكس أسعار النفط التي انخفضت بشكل ملحوظ حيث أصبح سعر برميل المازوت (10,000) ليرة مايقارب (40) دولار. بينما ارتفع سعر البرميل بمناطق سيطرة المعارضة من (15,000) ليرة إلى ما بين الـ(60,000 والـ 75,000) ليرة سورية اي ما يعادل وسطياً (250) دولار.
استمر هذا الوضع لأكثر من عشرين يوماً، سمح التنظيم بعدها بعودة دخول المحروقات إلى مناطق المعارضة، لكن ذلك لم يؤدي إلى عودة المحروقات إلى أسعارها قبل الأزمة كما توقع سكان المنطقة، بل انخفضت بشكل طفيف، بسبب تحكم التجار بها بحجة صعوبة تأمينها وخطورة الطريق و زيادة مصاريفه .
كما لم تفلح المعارضة إلى الآن في تأمين بديل حقيقي لتزويد مناطق سيطرتها بالنفط والكهرباء في حال قيام “تنظيم الدولة الإسلامية” أو النظام بقطعها مرة أخرى، ولم يقدم حلفاؤها أي دعم لتجاوز مثل هذه الأزمة باستثناء الوعد الذي أطلقه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان ” بأنه لن يسمح بتوقف المشافي في سوريا جراء إنقطاع المازوت ” .
. محمود عبدالرحمن