حينها كنت طالباً في الصف التاسع ، عندما استلمت كتب المنهاج الدراسي ، ففضلت دراسة كتاب التاريخ .أما باقي المواد فلكل مادة اعتبار ، فمثلاً كتاب اللغة الانكليزية كنت مبدعاً لكون أخي ، هو مدرس لهذه المادة . فمنذ أن كنت في الصف السادس كنت أحضر دروس اللغة الانكليزية للصف التاسع ، لدرجة أنني اجيب على الأسئلة مثل باقي الطلاب ، ولمادة الرياضيات ميزة خاصة ، كنت اتجنبها نهائياً وأكره حتى المدرس ذو الشعر المبعثر والمعطف الطويل ، فمرة كان يكتب النظرية على اللوح فسمع صوتاً من أحد الطلاب فأخطأ بالكتابة وأمسك بطرف المعطف ومسح اللوح وتابع كتابة النظرية وما إن سمع الصوت تكرر ثانية ، حتى أخذ يخلع حذائه بسرعة ليضرب الطالب ، ويكثر الضجيج والضحك ، وأما مدرس الرياضة صاحب الكرش المكتنزة وقدميه المتلاصقتان كنت أحبه جدا عندما يكون نداً لي في كرة القدم حيث كنت آخذه ذات اليمن وذات الشمال وأمرر الكرة بين قدميه ليضحك الجميع لما يمر به خيبة ، كتاب التاريخ وهو بطل هذه القصة والذي استلمته مهترئاً ، حاولت اصلاحه فلم أجد سوى مسماراً بقياس 7سم وقطر 6مم .أدخلت فيه المسمار وثنيته من الطرف الآخر . وبدأت القراءة ، الدرس الأول كان " الاحتلال العثماني للوطن العربي " كان كلما دخل علي أبي يشاهدني أقرأ هذا الكتاب, حتى أنه قال لي " أنت ما عندك غير الكتاب هذا أبو مسامير " ؟ كل يوم أفتح الكتاب الذي أصبح مشهورا لكثرة ما استخدمته فكلما أمسكت هذا الكتاب ، غلبني النعاس وفكرت بكرة القدم والبحث عن خطط للعب مع مدرس الرياضة . ولكثرة مروري بعنوان الدرس فكرت به ملياً وسألت نفسي . "هل حقاً أنه كان احتلالا" ؟ ، أم أن هناك شيئاً آخر في هذا الكتاب غير العنوان والمسمار . سألت اخي وسألت مدرس التاريخ حتى مدرس الرياضيات سألته ، فمعظمهم أجابني أنه ليس احتلال إنما هي فتوحات إسلامية . أدركت حينها أن المسمار الذي أدخلته في الكتاب . كان يقابله آلاف المسامير التي في عقولنا زوراً وبهتاناً، فإن زال ذلك المسمار واهترئ الكتاب، فسيبقى أثر ما تم تزويره في عقولنا . وسيبقى التاريخ المزور حاضراً حتى الساعة . وهل سوف يُزور تاريخ ثورتنا السورية في المستقبل عبر وسائل الاعلام المنحازة وكُتاب التاريخ المأجورين والمدونين للأحداث والذين يعملون لصالح مخابرات أو سياسات معينة ؟؟؟ كما نرى الآن من تغيير المصطلحات الإخبارية من ثوار لـ"معارضة" ومن "الجيش الحر" لـ"كتائب المعارضة أو جماعات مسلحة أو إرهابيين" حسب بعض وسائل الإعلام ودول قد أدرجت بعض فصائل "الجيش الحر والثوار" تحت لائحة الإرهاب.
محمود جعفر