في غمرة الحديث عن مخاطر تقدم النظام على جبهات البريج وحندرات والتخوف من فرض حصار على الثوار في حلب وإجبارهم على الرضوخ لخطة "دي مستورا"، أطلقت “جبهة النصرة” معركة "تحرير معسكري نبل والزهراء". جاء الاعلان مفاجئاً لتتبدد مع هذه المعركة كل الأحاديث عن حصار حلب، بل وترتفع معها المعنويات والمطالبة بالسيطرة على مدينتي نبل والزهراء الشيعيتين وبعثرة أوراق النظام الذي يغري مقاتليه الشيعة عرباً وأجانب بمعركة حصار حلب بحجة فك الطوق عن المدينتين.
بدأت المعركة بسيطرة عناصر “الجبهة” على ثلث جمعية “جود” المتاخمة لبلدة الزهراء، ومنطقة المعامل. بعدها، توقف العمل العسكري لمدة أسبوعين، ثم عاودت "جبهة النصرة" الهجوم في مرحلة ثانية انطلقت بعملية انغماسية بسيارة مفخخة داخل بلدة الزهراء. ولم يحصل حينها تقدم يُذكر لتتوقف المعركة من جديد، وسط حديث عن أسباب عدم مشاركة فصائل "الجيش الحر" بالعمل وتبادل الاتهامات بين الأطراف
واشاعات عن "صفقة تركية تقضي بوقف النصرة هجومها على نبل و الزهراء مقابل تجميد النظام قتاله في جبهات البريج التي تهدد بحصار حلب"، بحسب أوساط سياسية وعسكرية. هذه الاشاعات انتهت مع انطلاق المعركة الثالثة التي بدأتها "جبهة النصرة"، وفيها كاد مقاتلو النصرة أن يسيطروا على مدينة نبل بالكامل لولا حدوث "أخطاء تكتيكية"، بحسب “أبو الليث” قائد إحدى “كتائب الجيش السوري الحر” ولديه دراية بطبيعة أرض المعركة.
"كان على مقاتلي النصرة أن يتقدموا باتجاه ساحة البلدة من الجهة الشمالية لتكون خاصرتهم اليمنى مؤمنة لأنها مناطق خاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر”، وفقاً لأبو الليث، وذلك “على عكس التوغل من الوسط لأن ذلك يعطي العدو أفضلية الرد على نيران النصرة من ثلاثة محاور".
ويضيف أبو الليث: "عندما بلغني سيطرة النصرة على دوار مدينة نبل، أجريت اتصالاً هاتفياً مع أحد قادة التنظيم وطلبت منه إبلاغ الشباب المقاتلين بضرورة اقتحام المباني الشمالية المحيطة بالدوار الأول وتمشيطها لتأمين طريق امداد أو انسحاب في أسوأ الأحوال". ولكن ما حدث هو أن مقاتلي النصرة تقدموا من الوسط، ما أدى لوقوع أكثر من 30 قتيلاً في صفوف "الجبهة" وخسائر بالآليات الثقيلة منها مدرعة كانت معدة للتفجير داخل ساحة نبل الرئيسية ودبابة تمكنت "الميليشيات الايرانية" من السيطرة عليها.
“أبو الليث” يعزي الفشل بالمعركة الثالثة لعدم دراية مقاتلي “النصرة” بأرض المعركة: "لو أن النصرة استعانت بعناصرها من أبناء المنطقة المطلعين على طبيعة نبل والزهراء لكانت النتائج أفضل".
كما أفاد مصدر من "جبهة النصرة" رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية أنها “لا تستخدم المقاتلين نفسهم في أكثر من ثلاث محاولات اقتحام في منطقة واحدة، بل تسبدل المقاتلين بعد ثالث أو رابع اقتحام بمقاتلين جدد لم يشاركوا بالمنطقة ذاتها. وهذا ما لوحظ في الاقتحام الأخير إذ انضم مقاتلون من الريف الغربي يقدر عددهم بـ200 إلى معركة نبل والزهراء".
وأضاف المصدر أن "مقاتلي النصرة القادمين من الريف الغربي كانوا متحمسين جداً ويتوقعون نصراً سريعاً شبيهاً بانتصارهم في ريف ادلب ضد جمال معروف وأيضاً في معركة وادي الضيف والحامدية. لكن ما حدث كان مأساوياً وضربة موجعة". وأشار المصدر إلى "أن النصرة لن تبدأ معركة أخرى إلا وهي واثقة من قدرتها على السيطرة على المدينة التي تعتبر الهدف الرئيسي والدافع الديني لمقاتلين شيعة من ايران وأفغانستان يحاولون الوصول إلى مدينتي نبل والزهراء محققين بذلك هدف النظام بفصل الريف عن المدينة وحصار الثوار داخل مدينة حلب".
عبدالرحمن اسماعيل .