مجموعة من النساء في الأتارب في مدينة حلب، تتراوح أعمارهن بين 20 إلى 26 عاماً من تخصصات جامعية مختلفة، يعملن بصورة مدنية إنسانية محايدة معتمدات على مبادئ حقوق الإنسان ومنهج اللاعنف للوصول إلى الحقوق مع احترام مبدأ عدم الأذية… هنَّ من شكلن فريق “كرمالِك أنتِ”.
وفي حديث لمجلة “فوكس حلب” مع إحدى المتطوعات ومسؤولة النشاطات الإعلامية في الفريق، تم تسليط الضوء على عمل الفريق وأهدافه وطموحاته المستقبلية.
هذه المبادرة جاءت رداً على تغييب صوت المرأة في ظل النزاع المسلح بعد نهضة وجيزة في زمن الثورة. “نحن كنساء كان لنا دور في الثورة السورية في زمن اعتمادها على السلمية”، تقول الناشطة، “ولكن عندما بدأ النزاع المسلح لم يعد للأنثى في الأتارب دور كما كان سابقاً”. “فاجتمعنا لاحقاً في ورشات تدريبية تخص حقوق الإنسان واللاعنف والعدالة الانتقالية واتخذنا قراراً بالعودة لنشاطاتنا السابقة، وذلك بالترافق مع ملاحظتنا لأهمية التوعية لظواهر انتشرت في الوقت الحالي كتجنيد الأطفال وزواج القاصرات وانتشار السلاح في صفوف المدنيين، وكان ذلك منذ 11 شهراً تقريباً”، بحسب الناشطة ذاتها. إلا أن أهداف الفريق لا تقتصر على المرأة فحسب، بل تشمل الطفل الذي يحظى برعايتها أيضاً، وفقاً للفريق. “نشاطاتنا تستهدف كلاً من النساء والأطفال”، تقول الناشطة، إذ “بالنسبة للنساء نريد تمكين دور المرأة وزيادة وعيها وإدراكها لحقوقها المسلوبة مع إبراز أهمية الدور الملقى على عاتقها في ظل الأحداث الراهنة”. كما يوثق الفريق “أسماء المعتقلات والمغيبات قسراً و التعريف بهن لزيادة التضامن مع قضيتهنّ على المستويين المحلي و الدولي”، ويعمل “على بث قيم التعايش السلمي الاجتماعي، نابذين كافة أشكال التمييز القائم على العنف وإقصاء دور المرأة”، بحسب المصدر ذاته، “وبالنسبة للأطفال، نركز على أهمية العلم والتعلم لديهم ومنع جرائم تجنيد الأطفال أو استغلالهم في الصراع القائم، ونقوم بنشاطات ترفيهية توعوية دائمة لهم”. ويتبع الفريق نهجاً غير تصادمي مع النساء ومجتمع الأتارب، ولا سيما أن الأخير محافظ بطبيعته. “لا نتبع الأسلوب المباشر في التوعية مع النساء خشية النفور. لدينا عضوة مؤهلة للجلسات الحوارية، ومسؤولة عن اجتماعات نسائية ودية نستطيع من خلالها الاستماع لهن وإيصال أفكارنا للنساء البسيطات”، تتابع الناشطة، ولأن الفريق “مكون من نساء فقط، فهذا كان سبباً مهماً في تقبلنا والشعور بأريحية الحوار والتجاوب والصراحة معنا”. وعن كيفية التعامل مع الأطفال، تتواصل الناشطة وبقية الفريق “مع الأطفال عن طريق نشاطات ترفيهية مثل الرسم وحلقات اللعب والأفلام. ولأن أغلب الرسومات تكون بخصوص الوضع الحالي إما طائرات أو حالة قصف أو علم الثورة، ولا يوجد في الفريق داعمة نفسية، فإننا نتواصل مع شبكة حراس لتقديم النصائح لنا عن أفضل الأماكن والأوقات للتحدث مع الأطفال والتأثير الإيجابي على نفسياتهم”. وعن الدعم الذي يتلقونه، “نحن فريق محايد لا نقبل دعماً من أي جهة تلزمنا بوجهة نظرها وتعيق عملنا، ولكن ذلك لا ينفي أننا نتلقى دعماً ونشارك بفعاليات يُطلب فيها مساعدتنا”. خصوص العوائق السابقة والحالية، فإن “أول العوائق التي واجهتنا في البداية هي إمكانية تقبل الناس لفريق من الفتيات يعمل بفكر مدني إنساني، فقد كنا أول تجربة في المنطقة وكانت تجربة غريبة وغير مألوفة، ولكن مع الوقت تلاشى هذا الوضع وبدأنا بالعمل مع الناس”. أما العوائق التي لا يزال الفريق يعاني منها فهي “أننا لم نستطع أن نصل للجميع من خلال حملاتنا ومشاريعنا، فالجلسات الحوارية لا تشمل جميع نساء المنطقة، والروضة التي نعمل على تأسيسها لن تكون قادرة على استيعاب جميع الأطفال المتسربين من التعليم، وهذا ما يجلب الإحباط لنا في بعض الأحيان ولكننا ما زلنا نحاول زيادة عدد عضوات الفريق لحل تلك المشكلة”. والأهداف المستقبلية للفريق “نضع أمام أعيننا أن علينا في المستقبل الوصول لمرحلة تكون فيها المرأة واعية بالقدر الكافي لإدراك دورها الكبير والمهم في بناء المجتمع، وأن تكون قادرة على المطالبة بحقوقها المدنية ولا نقصد هنا حقوقها من الرجل، ولكن حقوقها بالتعليم والعمل وتخليصها من عادات المجتمع التي تعيق تقدمها كالزواج المبكر، ولأن النساء دائماً هنّ من يصنعن السلام”. “ومن الممكن أن تتضمن مشاريعنا المستقبلية خطة تمكن المرأة من الكسب وإدارة حياتها حتى ولو كانت أمية، من خلال ورشات تعلم الخياطة والصوف التي ندرسها حالياً”. “ونؤكد على أهمية تربية الطفل على قيم العلم والتعلم وإبعاده عن عالم السلاح والقتل من خلال توعية عامة شاملة للمجتمع وترغيب الطفل بمدرسته من خلال نشاطاتنا وحملاتنا”.
“رودس”