أثر سيطرة الثوار على مناطق من سورية ومحاولتهم تلبية جميع الخدمات لهذه المناطق والاستقلال بها, إلا أن النظام حارب إقامة مشاريع خدمية للمناطق الخارجة عن سيطرته، وكان جل قصفه على البنية التحتية, ليوصل رسالة للشعب فحواها “لا حياة في المناطق الخارجة عن سيطرتي”. وكان من أهم تلك الخدمات المؤسسات التعليمية، إذ ألغى النظام جميع المدارس التي خرجت عن سيطرته العسكرية، ومنع المدرسيين من تلبية واجبهم، إما بتهديدهم بالسجن أو حرمانهم من راتبهم. فالنظام لا يهمه إن كان المدرس يؤدي واجبه أو لا، فالأهم أنه لا يُدرس في المناطق الخارجة عن سيطرته ويأخذ راتبه على تقاعسه عن واجبه. ولكن في المقابل يوجد بعض المدرسين ممن أبى إلا أن يؤدي واجبه الإنساني، وكثير من الشباب القادرين على التدريس، ففتحوا 135 مدرسة تستوعب 4000 طالب، بحسب إحصائية مديرية التربية في المجلس المحلي لمناطق حلب المحررة. لم تكن هذه المدارس في مبانيها المخصصة لاستهداف “قوات النظام” لهذه المباني، إذ حولوا بعض الملاجئ والشقق السكنية إلى مدارس. ولم يكن لهم نصيب في الدعم اللوجستي أو المادي. فلأطفال في مدارس حلب يكتبون على ورق قديم وبأقلام قديمة, ويأخذون درسهم على ضوء القنديل في أكثر الحصص, ويستمر التعليم رغم القصف وبرد الشتاء. “ينتظر المدرسين مقابل أتعابهم سلة إغاثية آخر الشهر أو منحة مالية لا تسد رمق جوعهم كل شهور”، كما قالت المعلمة أنعام. وأضافت: “دائماً نطالب مديرية التربية بمخصصات المدرسة من قرطاسية وأقلام للسبورة والمنح المالية للمدرسين الذي وعدونا بها، ولكن لا حياة لمن تنادي دائماً يشكون ويبكون ويدعون بأنه لا يوجد عندهم ميزانية وأن الحكومة المؤقتة لا تعطيهم شيئاً”. وأشارت إلى أن “بعض المدارس يتلقى الدعم من منظمات إنسانية أو حقوقية ويوجد أحزاب سياسية تدعم أيضاً ولكن ضمن شروط يضعونها هم, وكل فترة يأتي إلينا أشخاص من منظمات ويصورون وضع المدرسة البائس ويأخذون بيانات المدرسة ويوزعون بعض الهدايا الرمزية على الأطفال ويعلقون لافتة عليها اسم منظمتهم, ويطلبون شروطاً ليقدموا الدعم ويعدونا بالعودة ولا يأتون”. تابعت: “لا نريد دعماً بشروط, نقبل الدعم الإنساني الذي لا علاقة له بالسياسة, أو نستمر بتقديم خدماتنا لأطفالنا مجاناً. وبالنسبة لمديرية التربية والحكومة المؤقتة فإني أقول لهم إن لم تكونوا قادرين على إدارة المناطق المحررة وتلبية حاجياتها الخدمية فعليكم الجلوس في بيتكم أفضل لكم”. بالمقابل فإن مديرية التربية بحلب تقول أنهم يوعدون المدارس على وعد الحكومة المؤقتة لهم’, والحكومة هي من يؤخر الدعم المالي, وبنفس الوقت فإن الحكومة المؤقتة تقول أنه لا ميزانية عندهم وهم أيضاً يعدون على وعود الائتلاف والحكومات والمنظمات الداعمة, ويبقى مصير الأطفال وحقهم في التعليم معلق. يوجد مخاوف من توقف الخدمات عن العمل لأن من حق المدرسين المختصين والمتطوعين أًن يبحثون عن عمل يقيهم من برد الشتاء ويسد رمق جوعهم إن لم يتلقوا تعويضاً عن خدماتهم. على أثر هذه الظروف فقد قامت بعض المدارس في مناطق حلب الخاضعة لسيطرة الثوار في يوم الثلاثاء الموافق 2 / 12 / 2014 بمظاهرة واعتصام يطالبون فيه بحقوق الأطفال في التعليم وحق المدرسيّن بتعويض عن أتعابهم. متأملين أن يُسمع صوتهم وتُلبى مطالبهم الشرعية.
صقر علي الخضر