لا تقرروا الآن…فكروا ثم قرروا, ولا تنسوا أن حندرات أمامكم”. هكذا قال مندوب مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي مستورا لمجموعة من القادة العسكريين وممثلين عن المجالس العسكرية والثورية بعد انتهاء اللقاء الذي أجراه معهم في مدينة غازي عنتاب. وعرض المندوب مبادرة دي ميستورا المعروفة بـ"تجميد القتال" عليهم. وتحتوي المبادرة على بنود عديدة من أهمها "تجميد القتال في مدينة حلب بين قوات النظام والجيش الحر, بإيقاف القتال بينهم, وبقاء كلا الطرفين في مواقعهم بحال الموافقة ومنعهم من سحب عناصرهم من جبهات حلب لجبهات أخرى, وتفرغ الطرفين لقتال تنظيم الدولة الإسلامية, وتجهيز معبر إنساني بين مناطق النظام ومناطق الثوار للسماح بدخول المواد الغذائية والأدوية, وإعطاء فرصة لطرفي النزاع بتأهيل البنى التحتية والخدمات لمناطقهم, ودخول الحكومة المؤقتة إلى حلب لتدير أعمالها في الداخل, وبهذه الحالة يكون المدنيين مُخيّرين بالعيش بإحدى المنطقتين, ومدة التجميد تكون 6 أشهر, وبحال نجاحها سوف تطبق على باقي مدن سورية". وعلق "الائتلاف السوري المعارض" و"المجلس العسكري بحلب" ومندوب "جيش الإسلام" موافقتهم على المبادرة, لحين الموافقة على شروطهم. ولكن في المقابل رفضت بقية الفصائل المقاتلة المبادرة على لسان مندوبيها أو "مجلس قيادة الثورة" الذي حضر باسم عدد من الفصائل العسكرية والمجالس الثورية. وقبل خروج الممثلين عن المجالس الثورية والعسكرية من قاعة الاجتماعات ورفضهم للمبادرة ذكّرهم مندوب دي مستورا بجبهة حندرات التي تشهد اشتباكات عنيفة، والتي ستؤدي الى محاصرة مدينة حلب في حال تقدمت "قوات النظام”، ما اعتُبر بمثابة تهديد صريح إذا رفضوا المبادرة, وأزعجت هذه الطريقة بعض الحضور وجعله يعيد التفكير في المبادرة. "ليست حلاً سياسياً ولا عسكرياً لحل النزاع, إنما هي حل مؤقت سلبي بالنسبة للثوار" هذا سبب رفض أبو عبيدة أحد أعضاء "القيادة العامة للمجلس العسكري" للمبادرة, وقال إن "مبادرة دي مستورة تعني بقاء الأسدـ واحتمال حصول قتال داخلي بين الثوار التابعين للمجلس العسكري والثوار المستقلين من جهة, وبين الجيش الحر والفصائل الإسلامية من جهة أخرى, ما سيقوي طرفاً على حساب الآخر, وستستهلك هذه النزاعات أسلحة وذخيرة كثيرة, واحتمال تحول جميع الفصائل المقاتلة للمنهج الإسلامي, ما سيعطي تبريراً لقوات النظام بارتكاب مجازر واستخدام أسلحة ثقيلة واجتياح المناطق المحررة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب الوهمي, الذي يبارك به الغرب”. وأشار إلى "أن مصالح المدنيين ستكون مع النظام لأن المجتمع الدولي ما زال يعترف بوجوده ويعتمد على أوراقه الثبوتية وجوازات السفر التي تصدر من قبله، وعدم منح المجتمع الدولي الحكومة المؤقتة هذه الصلاحيات, وعزل المعارضة السياسية, ما سينسف القاعدة الشعبية للثورة”, وأضاف أيضاً: "من الطبيعي أن تُقام دورات سلم أهلي وورشات عن المقاومة اللاعنفية وعن الحوار والتفاوض”, واتهم منظمي الورشات بـ”نشر مفاهيم خاطئة عن الثورات والحريات والمساواة لقتل الروح الثورية لدى الثوار الذين أرهقتهم الحرب, ما سيولد تخلي بعض الناشطين عن مفهوم الثورة, وتبرؤهم من المعارضة السياسية والمجالس العسكرية". وانهى كلامه بأن "كل هذه المبادرة وبنودها وما سينتج عنها, سيُبقي الأسد في منصبه وسيجهض الثورة وينهيها رويداً رويداً, إلا إذا كانت الكرة بملعبنا ووضعنا شروطنا وتم الموافقة عليها".
آدم يوسف