في حلب تحصل على أي نوع من الأسلحة مادمت تملك المال الكافي, و”الهيئة الشرعية” تقول “أن من حق أي مدني حيازة سلاح لحماية نفسه لأنها من السنة”. لم يعد السلاح في مناطق حلب المحررة حكراً على أحد, إذ يستطيع أي شخص سواء كان مدنياً أم عسكرياً الحصول على السلاح الذي يريده دون الحاجة إلى أي موافقة أمنية عن طريق شرائه من محلات بيع الأسلحة, التي تنتشر بكثرة في حلب وبشكل عشوائي دون الحصول على ترخيص من أي جهة. أصبحت هذا الظاهرة تشكل خطراً على المدنيين والعسكريين على حد سواء حيث شهدت المدينة حالات عديدة أشهر فيها مدنيون سلاحهم ضد بعض فصائل “الجيش الحر” والمؤسسة “الأمنية” دون أن تتمكن هذه الفصائل من محاسبة الفاعل أو حتى مصادرة سلاحه . كما اعتاد الناس على إطلاق الرصاص في الأعراس و المناسبات الأخرى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والتي أدى بعضها إلى حدوث إصابات بين المدنيين. مثل ما حصل في أحد الأعراس في منطقة حلب القديمة عندما أصيب ثلاثة أشخاص بجروح نتيجة إطلاق نار احتفالاً بزفاف أحد أبناء المنطقة . تمر معظم تلك الحالات دون محاسبة الفاعل, في ظل غياب جهة قادرة على فرض سلطتها وقوانينها على جميع مناطق حلب. “يمكنني أن أشهر أي سلاح في أي وقت و أطلق الرصاص في الهواء وعندما ستأتي أي دورية من أي فصيل وتعرف أني من أطلق الرصاص ستعاود أدراجها, لأنهم يعرفونني بسبب علاقاتي الجيدة مع قياديين, ولست الوحيد بل معظم الناس هنا مثلي فلا أدري ما المبرر لوجود هذه الدوريات أصلاً” كما يقول أبو ابراهيم صاحب احد المحلات التجارية في حي الشعار. وعلى الرغم من حدوث عدة حالات لقيام خلايا نائمة بمساعدة “قوات النظام” في السيطرة على مناطق واسعة من حلب كما حصل في نقيرين و سيفات. إلا أن بيع السلاح لازال عشوائياً دون أي موافقة أو حتى معرفة هوية المشتري. فالشرط الوحيد للحصول على السلاح هو أن تملك ثمنه “المهم أن يكون مع المشتري ما يكفي لدفع ثمن قطعة السلاح أياً يكن” يقول أبو مراد الذي يترأس أحد مجموعات “الجيش الحر” و يملك دكاناً لبيع السلاح و لا يرى أبو مراد في ذلك أي خطر عليه أو على “الجيش الحر”, وبرر عمله مشيراً إلى “أنهم بحاجة للسلاح لحماية أنفسهم خاصة في هذه الظروف, وذلك لا يشكل خطراً علينا, ولو أرادوا إخراجنا من أحيائهم فليسوا بحاجة للسلاح “. ومع اقتراب شبح الحصار من مدينة حلب يرى ناشطون أن “انتشار السلاح بين المدنيين و بيعه بهذه الطريقة العشوائية بمختلف أنواعه, هو السبب الرئيسي في نشوء “الخلايا النائمة” التي تهدد أمن المناطق المحررة” كما يقول عبد المنعم أحد أعضاء المجالس المحلية لمدينة حلب, وأفاد أيضاً “صحيح أن المدنيين بحاجة للسلاح لحماية أنفسهم, لكن سلاح الصيد البومباكشن يفي بالغرض ولا يمكن تصديق أن حيازة البنادق الآلية والرشاشات والقنابل هو بهدف الحماية الشخصية فحسب” . ومع تهديد “قوات النظام” بحصار حلب, طالب ناشطون “الهيئة الشرعية” بمصادرة سلاح المدنيين و توجيهه إلى الجبهات لكنها رفضت بحجة أن ذلك مخالف للدين إذ أن حيازة السلاح سنة . بالمقابل فإن “الهيئة الشرعية” حاولت ضبط تجارة السلاح في المناطق المحررة من خلال إلزام أصحاب دكاكين بيع السلاح بالحصول على ترخيص منها, إلا أن معظمهم يكتفون بالحصول على موافقة الفصيل الذي يسيطر على المنطقة التي يعملون فيها دون الرجوع إلى الهيئة. ومازالت طلبات نزع السلاح من غير المقاتلين على الجبهات مستمرة من قبل الثوار والمجالس الثورية في حلب, وتنتظر هذه الطلبات تنفيذها من قبل الهيئات القضائية أو الفصائل العسكرية.
محمود عبد الرحمن