لم يعد تشرين الثاني والحركة “التصحيحية" حكراً على عهد حزب “البعث”، بل صار أيضاً في زمن “الائتلاف السوري”. وهل ستكون نتائج الحركة "التصحيحية" الجديدة كسابقتها؟ وهل ستصحح المسار أم ستقوم من أجل المناصب ومصالح شخصية أو مصالح دول أخرى؟
يُعتبر تشرين الثاني شهر الحركات "التصحيحة" بامتياز، وهي عبارة عن حركات ارتدادية عكسية لتصحيح وضع قائم فاسد وإرجاعه إلى أصله الصحيح كما يدّعي القائمين عليها. ففي تشرين الثاني عام 1970، حدثت الحركة "التصحيحة" في سوريا لتصحيح مسار حزب البعث باعتباره قائداً للدولة والمجتمع، بعدما انحرف عن مساره وأهدافه التي قام من أجلها.
فكان لا بد من قيام حركة تصحيح في داخله لإرجاعه إلى مساره، كما زعم القائمين بالحركة والتي اعتبرها الطرف الثاني انقلاباً عسكرياً من أجل السلطة فقط.
فكان من إفرازات ونتائج حركة تصحيح البعث قيام "حرب تشرين التحريرية" بقيادة حافظ الأسد "التي انتزعت زمام المبادرة من العدو الإسرائيلي وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وإعادة الهيبة للجيوش العربية" بعد خساراتهم السابقة في حرب 1967، كما دوّن حزب البعث في كتب التاريخ والقومية ولكن بالمقابل اعتبر المعارضون للأسد آنذاك أنها "حرب استنزاف زجت شباب الوطن بحرب وهمية، فقط من أجل أن يكسب الأسد حاضنة شعبية في سوريا وحاضنة عربية لأن الجيوش العربية كانت مشاركة في تلك الحرب".
والآن أيضاً، في تشرين الثاني عام 2014، أُعلن عن تشكيل حركة "تصحيحة" لتصحح مسار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة.
أعلنت مجموعة من المعارضين السوريين عن قرب ظهور تشكيل معارض جديد لتصحيح مسار الائتلاف الوطني عقب اتهامه بالشيخوخة السياسية وارتكاب العديد من الأخطاء التي حرفته عن مساره، كان بينهم ميشيل كيلو، فاروق طيفور، أنس العبدة، رياض سيف، عبد الاحمد اصطيفو . ورأت أن “الائتلاف” "انحرف" عن مساره و"عجز" عن تحقيق أي من الأهداف التي قام من أجلها وفي مقدمتها إسقاط النظام السوري “المجرم"، وإيجاد حل سياسي أو عسكري للأزمة السورية و"الفشل" أيضاً في إدارة قضية اللاجئين وإيجاد مناطق آمنة أو منطقة حظر طيران أو حتى حل مشكلة جوازات السفر بالنسبة لكثير من السوريين، وتمثيل السوريين بشكل فعال في المحافل الدولية. كما قال الكثير من الثوار وبعض المعارضين السوريين ممن يريدون تصحيح مسار “الائتلاف الوطني السوري”، بحسب مزاعمهم.
وفي ما لا يعول البعض من معارضي الائتلاف السوري على الكيان الجديد الذي يتم التحضير له بزعم أن قادته خارجون بالأساس من عباءة الائتلاف ذاته ويحملون فكر الائتلاف نفسه. أي أن التاريخ يعيد نفسه، ولا جديد تحت الشمس، لكن هنا سؤال يطرح نفسه ماذا ستكون إفرازات ونتائج الحركة التصحيحة الائتلافية إن حصلت في المستقبل القريب، إذا كان من نتائج حركة تصحيح البعث حرب تشرين ؟!
وهل ستكون حركة تصحح المسار فعلاً؟ أم هي كسابقتها حركة من أجل السلطة والمناصب؟ وهل ستكون من أجل المصلحة العامة للوطن والشعب والثورة؟ أم من أجل مصالح شخصية ومصالح دول أخرى؟ وهل ستنتج أفعالاً لا أقوالاً؟ وهل ستحقق أهداف الثورة السورية التي طال زمنها وقدم الشعب قرابين بما فيه الكفاية من أجل العيش بكرامة وحرية؟ وهل سيكون للثورة السورية وممثليها مكان بين المجتمع الدولي ويسمع لمطالبهم بهذه الحركة؟
هاني الأحمد