فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

أغاني الكورونا من “بيلا تشاو” وحتى “الدلعونا”

محمد الأسمر

غنت المزارعات في حقول الأرز الأغنية الفلكلورية “ياحلوة مع السلامة” أو “البيلا تشاو” كصرخة حرية في وجه ملاك الأراضي الزراعية، قبل إن تصبح نشيداً للمقاومين ضد نظام موسوليني، الكلمات التي لا يعرف مؤلفها أصبحت شارة للمسلسل الشهير الذي عرف بـ “البوفيسور”، وتزامن عرض الجزء الرابع منه مع موجة كورونا التي اجتاحت البلاد، خاصة إيطاليا منذ شهرين والتي تصدرت قوائم الإصابات والوفيات، لتغدو الأغنية ركيزة أساسية يطلقها السكان في إيطاليا من شرفات منازلهم، ويرددونها بشكل جماعي، في رمزية للإعلان عن مقاومتهم للفايروس.

غنت المزارعات في حقول الأرز الأغنية الفلكلورية “ياحلوة مع السلامة” أو “البيلا تشاو” كصرخة حرية في وجه ملاك الأراضي الزراعية، قبل إن تصبح نشيداً للمقاومين ضد نظام موسوليني، الكلمات التي لا يعرف مؤلفها أصبحت شارة للمسلسل الشهير الذي عرف بـ “البوفيسور”، وتزامن عرض الجزء الرابع منه مع موجة كورونا التي اجتاحت البلاد، خاصة إيطاليا منذ شهرين والتي تصدرت قوائم الإصابات والوفيات، لتغدو الأغنية ركيزة أساسية يطلقها السكان في إيطاليا من شرفات منازلهم، ويرددونها بشكل جماعي، في رمزية للإعلان عن مقاومتهم للفايروس.

دخلت الأغاني في صلب حياة سكان العالم المتخوفين من انتشار الفايروس، وباتت أداة شهرة للكثير من المغنين والمطربين القدامى والجدد، واستعيرت لكلمات تناسب الحدث موسيقا لأغان عالمية شهيرة حورت كلماتها، وتنوعت موضوعاتها بين السخرية والوقاية والخوف والاطمئنان عن الأصدقاء والأحبة ورسائل للعشاق.

عشرات الأغاني حملت في طيات مفرداتها قصة الفايروس الجديد، وطرق الوقاية منه والتحذير من انتشاره، انتشرت عير وسائل التواصل الاجتماعي التي شكلت منصة هامة لشهرتها، أطلق بعضها من قبل الهواة الذين استفادوا من شهرة لحن معين لتحقيق وصول غير مسبوق ولم يكن متوقعاً من قبلهم، ربما لعبت المصادفة دوراً هاماً في ذلك، إذ لم تكن تلك الأغاني بداية سوى وسيلة للدعابة والمرح.
من فلسطين وفي أحد صالونات التجميل نشرت الشابة فيروز سلامة أغنية بكلمات بسيطة، استعارت فيها ألحان أغنية “قمرة ياقمرة” التي لحنها الأخوين رحباني، وطالبت الناس بالجلوس في المنزل واتباع وسائل الحماية الصحية. كانت الأغنية كنوع من المواساة لعروس تأجل فرحها بسبب كورونا، لتتفاجأ سلامة في اليوم التالي بالانتشار الكبير الذي حققته الأغنية.
كما انتشرت عدة أغاني استعان أصحابها بالأغنية المصرية “بنت الجيران” تلك الأغاني تنوعت في محتواها، وتنقلت في عدد من البلاد العربية “مصر، لبنان، الأردن، …” حيث غير صاحب الأغنية الكلمات بما يتوافق مع أوضاع بلده، على سبيل المثال انتقدت الأغنية الأردنية استغلال التجار للجائحة العالمية، وقلة الأقنعة الواقية والمعقمات. في حين، عمد المغني اللبناني “بلال نقوزي” لانتقاد الحكومة اللبنانية والسياسيين، وتمنى أن يبتعد الفيروس عن الشعب ويتوجه نحو سياسيي البلد فالشعب قد تعب من الآلام.
كما أظهر أحد مقاطع الفيديو أستاذاً لبنانياً، ينشر التوعية الصحية بين تلاميذه، عبر تعليمهم أغنية يقول فيها “صاير عنا في لبنان فايروس اسمه كورنا” استمد لحنها من أغنية  “فطوم” التي غناها دريد لحام في أحد مسلسلاته، وأظهر الفيديو تفاعلاً كبيراً من قبل التلاميذ الذين شاركوا أستاذهم بغنائها بشكل جماعي.
في لبنان أيضاً تصادفك، أثناء بحثك، أغنية حوارية بين أب وابنه استمد لحنها من أغنية “الدلعونا” الشهيرة، قالا فيها “على دلعونا وعلى دلعونا إنصابت عيلتنا بفيروس كورونا” وتابعت الأغنية في وصف أخبار الفيروس و ذكر المناطق التي أعلن عن ظهور حالات الإصابة فيها، ولم يكتم صاحباها خوفهما من وصول الفيروس إليهما متمنيان الهرب بأسرع وقت خارج البلاد.
أما في سوريا فقد أطل مطرب شعبي على إحدى القنوات الرسمية ليطرح أغنيته الجديدة والتي عنونها “رح نخلص من كورونا” لكنه ضمنها شعارات المقاومة والممانعة التي اعتاد النظام على طرحها مؤكداً تحلي الشعب السوري بالمناعة وقدرته على مقاومة المرض الذي سيهزم أمام تلك الإرادة كما انهزمت المؤامرات الدولية التي أحاطت بسوريا، واللافت للنظر أن صاحب الأغنية شدد على ضرورة الالتزام بلبس الكمامة دون أن يرتديها هو أو مقدمة البرنامج أو أحد الحاضرين ضمن استديو قناة رسمية كانت تدعو للحجر الصحي.
كما كان لمناطق المعارضة شمال سوريا حضورها ضمن هذا المهرجان فخرج مجموعة من الشباب في إدلب بأغنية ساخرة، وصّف فيها الحاضرون معاناتهم ضمن الواقع الصحي الذي تعيشه المنطقة بعد سنوات من الحرب، من كلماتها “كورونا يا كورنا ما في داعي تزورونا، ما في عنا كمامات من عطسة رح تعدونا”. إلا أن الحديث عن الفايروس لم ينسهم حربهم، فضمنوا أغنيتهم كلمات الوعيد والتهديد لقوات الأسد.

الموسيقا العراقية كانت حاضرة أيضاً، إذ خرج المغني عمار العراقي بأغنية شعبية باسم “كورونا” حاول من خلالها، توعية الناس لضرورة العزل الصحي الذي يساهم بمنع انتشار المرض، وضرورة الالتزام بلبس “الكمامة”. بينما خرجت بعض الأغاني التي استعملت كورونا لانتقاد الواقع المعيشي في العراق مثل أغنية “ياكورونا” والتي وجهت انتقاداً للدعوات التي تم نشرها حول سبل الحماية من كورونا عبر القناع الطبي والقفازات الطبية، مستنكراً صاحبها كيفية اتباع تلك الخطوات إذا كان البلد يفتقر أساساً لتلك الأدوات، “ياكورونا كمامات ماعدنا”.
أما في مصر فقد كان للفنان هاني شاكر الحضور الأكبر من خلال إطلاق أغنية حملت عنوان “الجيش الأبيض”، وكانت الأغنية بمثابة بطاقة شكر للطواقم الطبية التي تتواجد في الصف الأول معرضة نفسها للعدوى في سبيل إتمام عملها الإنساني.
بينما نشر المطرب أحمد سعد أغنية على موقع يوتيوب محاولاً طمأنة الشعوب العربية بأن أزمة فيروس كورونا سوف تمر ونتغلب عليها دون خسائر، وطالب متابعيه بطرد الذعر والخوف من قلوبهم مع ضرورة اتباع التعليمات الطبية والحرص على الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي أطلقتها الصحة العالمية.
شكل دخول بعض الدول في مرحلة الحجر الصحي حافزاً لدى بعض المطربين لإطلاق بعض الأغاني التي تشجع الناس على الالتزام بالحجر الصحي رغم المعاناة التي قد يشعرون بها نتيجة هذا الحجر. ففي لبنان انتشرت أغنية “عم تخطر ببالي” للشابة شانتال بيطار والتي خاطبت فيها حبيبها محاولة الاطمئنان على أوضاعه والتزامه بالحجر الصحي. بينما خرج حمادة نشواتي بأغنية “الحجر الصحي” والتي أعلن فيها شوقه للفتاة التي يحبها وتذمره من الحجر الصحي لعدم تمكنه من رؤيتها.

حصدت هذه الأغاني وغيرها ملايين المشاهدات، وبدأت تنتقل كالفايروس بالعدوى للهواة والمطربين، وانقسم الناس بين مؤيد لطريقة الطرح والتوعية والإرشادات عن طريق الأغاني التي تخفف من التعليمات الطبية الجافة والقاسية، وسهولة وصولها إلى الأشخاص والأطفال بالذات، وبين من يرى في هذه الأغنيات وسيلة جديدة يعتمدها صناع السوشيال ميديا لحصد الإعجابات والشهرة، إلا أن ذلك لا يلغي ما تزرعه تلك الأغاني في نفوس السكان من ابتسامة، وما تقدمه من تسلية في ظروف الحجر الصحي الذي يعيشونه، كذلك بعض الفائدة للوقاية من انتشار الفايروس.

في إدلب: غياب قوانين السير تزيد من عدد الحوادث

محمد الأسمر

يعمل عناصر المرور على ضبط الحركة في المدينة وتخفيف الازدحام قدر الإمكان، لكن الكثير من المخالفات تتم بعد انتهاء أوقات الدوام الرسمي، حيث يتطلب الأمر “وعياً شعبياً أكثر من حاجته للرقيب”، بحسب الحموي الذي أضاف إنه “عند وقوع أي حادث سير تتوجه دورية المرور إلى المكان لتعمل على قطع الطريق المؤدي إلى مكان الحادث، وتحويله إلى طريق بديل خوفاً من وقوع حوادث أخرى، وتتخذ عدة إجراءات كرسم مخطط للحادث وأخذ مشاهدات مكان الحادث وضبط إفادات الشهود، وإفادة الأطراف المشتركين بالحادث وحجز الآليات والتحفظ على سائقي المركبات”.

لم يعد الوصول إلى ساحة الساعة والسوق المجاور لها في إدلب المدينة بالأمر السهل، لذا يعمد أبو سالم لاستعمال الطرق الفرعية والأزقة القديمة هرباً من الازدحام الذي تشهده الطرق الرئيسة، والذي تضاعف بعد موجة النزوح الأخيرة.
يعترف أبو سالم والذي اعتاد على قيادة السيارة منذ أكثر من ثلاثين عاما بأن الخوف ينتابه أحياناً أثناء القيادة في شوارع المدينة، فالازدحام الموجود ترافق مع جهل بقوانين السير من قبل سائقي اليوم، والقوانين التي أمضى أبو سالم عمره بحفظها والتقيد بها لم تعد من الأساسيات التي يجب أن يعرفها أي سائق قبل قيادة السيارة، حيث بات الحصول على سيارة وقيادتها من الأمور السهلة، ولم تعد شهادة السياقة شرطاً للقيادة.
يقول أبو سالم “أغلب السائقين اليوم لا يملكون شهادة بقيادة السيارات وبالتالي هم يجهلون قوانين السير، ولطالما شهدت حدوث العديد من الحوادث المرورية نتيجة هذا الجهل بمعرفة القواعد الأساسية، وأصبحت قاعدة (الطريق للأسرع) من أهم القواعد المعمول بها اليوم ناهيك عن الدراجات النارية التي تشكل الخطر الأكبر والتي لا يلتزم سائقوها بأي قواعد مرورية “.
تعرض أبو سالم لحادث سير منذ أشهر كلفه قرابة 300 دولار، نتيجة اصطدامه بدراجة نارية كانت تسير بشكل مخالف ما دفعه للاقتصار بحركة السيارة على الأمور الضرورية فقط، يقول ” لم تعد القيادة متعلقة بقدرتك على التحكم بسيارتك بقدر حرصك السيارات الأخرى الموجودة معك على نفس الطريق”.
خلال تجولك في مدينة إدلب تشاهد العديد من دوريات المرور المنتشرة على الطرقات الرئيسية والدوارات المهمة، لكن وجودهم لم يساهم بشكل رئيسي بحل المشكلة بحسب أبو سالم.
جهل السائقين بقوانين السير يتعب عناصر الشرطة، ويساهم بشكل كبير في عرقلة الحركة المرورية بحسب الشرطي رائد الذي قال “أنت مجبر لتكرار عبارة اتجاه ممنوع مئات المرات في اليوم بسبب سير الناس باتجاه مخالف، لو ملك السائقين دراية بقوانين السير والتزموا بها لتجاوزنا الأزمات المرورية الموجودة”.
بينما يرى أبو سالم أن غياب الشاخصات المرورية ساهم بشكل كبير بجهل الناس بآلية استعمال الطريق وحمّل عناصر الشرطة أعباء إضافية.
يكتفي رائد بتوجيه إنذار للسيارات المخالفة في الطرقات أو المواقف، وعند وقوع أي حادث تقوم واحدة من دوريات شرطة المرور بالتحقيق في أسباب الحادث وحجز الآلية المسببة واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها، والتي حددها رائد بـ “تسجيل السيارة لدى دائرة المرور إن لك تكن مسجلة، ودفع الغرامة المترتبة عليها نتيجة الحادث”.
تنتهي دورية رائد في الساعة 12 ظهراً، لتحل محلها دورية أخرى تستمر حتى السادسة مساء ثم تغيب الدوريات عن شوارع إدلب، لتعود العشوائية والتهور في القيادة إلى الساحات.
وعن آلية عمل فرع المرور في المدينة يقول رئيس الفرع الرائد أحمد الحموي إنه ينقسم إلى أقسام عدة مثل قسم المباحث والذي يتولى متابعة وملاحقة السيارات المسروقة ومتابعة محلات “تصويج” وإصلاح السيارات بهدف إلزام أصحابها بالحصول على طلب إصلاح أي سيارة وذلك من أجل ضمان عدم تغيير مواصفات السيارات المسروقة وإخفاء الحقائق. وقسم التحقيق الذي يتولى التحقيق في حوادث السير ومتابعة أوضاع المصابين في المشافي ضمن المدينة من جراء حوادث السير التي تحصل خارج المدينة.

ويعمل عناصر المرور على ضبط الحركة في المدينة وتخفيف الازدحام قدر الإمكان، لكن الكثير من المخالفات تتم بعد انتهاء أوقات الدوام الرسمي، حيث يتطلب الأمر “وعياً شعبياً أكثر من حاجته للرقيب”، بحسب الحموي الذي أضاف إنه “عند وقوع أي حادث سير تتوجه دورية المرور إلى المكان لتعمل على قطع الطريق المؤدي إلى مكان الحادث، وتحويله إلى طريق بديل خوفاً من وقوع حوادث أخرى، وتتخذ عدة إجراءات كرسم مخطط للحادث وأخذ مشاهدات مكان الحادث وضبط إفادات الشهود، وإفادة الأطراف المشتركين بالحادث وحجز الآليات والتحفظ على سائقي المركبات”.

ويؤكد الحموي أن هناك عدداً من الصعوبات التي تعترض عمل شرطة المرور مثل ضيق الشوارع في المدينة وعدم مناسبتها للأعداد الكبيرة من السيارات الموجودة، وعدم وجود إشارات ضوئية، وعدم تجهيز الشوارع بشاخصات مرورية، إضافة لازدياد أعداد الدراجات النارية بشكل كبير وغياب باصات النقل الداخلي التي تخفف من الأزمات المرورية.
يعتبر الناس قوانين السير والمرور من الأمور الثانوية والتي لا يجب أن تأخذ أكثر من حجمها ضمن أوضاع أمنية صعبة كالتي تعيشها إدلب، بحسب أبو سالم لكنه يرى أنها من الأولويات التي يجب على الجميع التقيد بها لضمان حياة الآخرين وتنظيمها، فبحسب تقرير نشرته جريدة عنب بلدي أكد وقوع 72 حادثاً في إحصائية شرطة المرور للعام الماضي بينها 38 حادثاً تسبب بأضرار جسدية، بينما توفي ثمانية أشخاص خلال الأشهر الستة الأخيرة من 2018.

“دركوش” استثمارات فردية للسياحة الداخلية وغياب للرقابة

ازدادت الأهمية السياحية لبلدة دركوش (وتعني الطريق الصغير أو مهد الطفل بحسب موسوعة الأسدي والأب شلحت) خلال السنوات الماضية، ساعد في ذلك موقعها الجغرافي المميز والذي يخترقه نهر العاصي إذ تتوزع البيوت على ضفتيه في منحدر سحيق بين جيلي الوسطاني والدويلي وجبل القصير، إضافة لأزقة البلدة القديمة وسوقها الأثري، ناهيك عن المنتزهات السياحية والمسابح والشاليهات الخاصة المتوزعة على طريق عين الزرقا، والحمام والجسر الرومانيان والجامع القديم والطاحونة التي تضم عدة نواعير وينابيع المياه العذبة والمغاور أهمها (الحكيم والعبد والجارية).
وعمد الأهالي الذين كانوا يعملون في الزراعة لخصوبة أراضيهم التي تشتهر بزراعة والرمان والزيتون والخوخ والمشمش والتين صبار والعديد من الفواكه والخضروات إلى استثمار الموقع السياحي لجذب المصطافين إلى بلدتهم عبر بناء المقاهي والمطاعم والشاليهات لتحقيق مصدر دخل جديد، إلّا أن هذه الاستثمارات لم تصل إلى بناء فنادق بخدمات مميزة أو مشاريع سياحية كبيرة واقتصرت على مشاريع فردية يقوم بها الأهالي.

هناك أشياء لا تغيرها الحرب، فالطبيعة تفرض نفسها على المكان الذي بات قبلة لمصطافي الشمال السوري الباحثين عن يوم للفرح في بلدة دركوش التابعة لمدينة جسر الشغور شمالي سوريا، خاصة مع انعدام الأماكن السياحية واستحالة الوصول إلى الشريط الساحلي.

ازدادت الأهمية السياحية لبلدة دركوش (وتعني الطريق الصغير أو مهد الطفل بحسب موسوعة الأسدي والأب شلحا) خلال السنوات الماضية، ساعد في ذلك موقعها الجغرافي المميز والذي يخترقه نهر العاصي إذ تتوزع البيوت على ضفتيه في منحدر سحيق بين جيلي الوسطاني والدويلي وجبل القصير، إضافة لأزقة البلدة القديمة وسوقها الأثري، ناهيك عن المنتزهات السياحية والمسابح والشاليهات الخاصة المتوزعة على طريق عين الزرقا، والحمام والجسر الرومانيان والجامع القديم والطاحونة التي تضم عدة نواعير وينابيع المياه العذبة والمغاور أهمها (الحكيم والعبد والجارية).

وعمد الأهالي الذين كانوا يعملون في الزراعة لخصوبة أراضيهم التي تشتهر بزراعة والرمان والزيتون والخوخ والمشمش والتين صبار والعديد من الفواكه والخضروات إلى استثمار الموقع السياحي لجذب المصطافين إلى بلدتهم عبر بناء المقاهي والمطاعم والشاليهات لتحقيق مصدر دخل جديد، إلّا أن هذه الاستثمارات لم تصل إلى بناء فنادق بخدمات مميزة أو مشاريع سياحية كبيرة واقتصرت على مشاريع فردية يقوم بها الأهالي.

يقول محمد جازة “صاحب إحدى الشاليهات” إن والده عمد إلى تحويل بركة المياه التي كان يستخدمها لسقاية الأشجار منذ خمسة عشر عاماً إلى “شاليه سياحي” يقصده السياح وأهالي المنطقة للترويح عن أنفسهم، وبمرور الزمن تطورت هذه الشاليهات ودخلت إليها بعض الخدمات اللازمة لتتماشى مع متطلبات المستأجرين الباحثين عن تمضية يومهم في ظروف خدمية جيدة.

يكاد يتطابق الشكل العام للشاليهات في دركوش، إذ غالباً ما يتألف من غرفة أو غرفتين للسكن، وشرفة للمصطافين، إضافة لحوض السباحة الذي يعتبر أهم العناصر التي يجب أن تتواجد في المكان.
وتختلف الأجور التي يتقاضاها صاحب الشاليه بحسب الخدمات التي يقدمها والتجهيزات الموجودة في الشاليه، بالإضافة لحجم المسبح وتتراوح تلك الأجور مابين10آلاف ليرة سورية إلى 15 ألف لمدة 24 ساعة، وهو ما يعتبره المصطافون أجراً كبيراً، إلا أن جازه يراه مناسباً، نظراً لارتفاع كلفة استخراج المياه من الآبار وثمن الكهرباء وأجور التنظيف والعناية بالمكان، ناهيك عن أكلاف بناء الشاليه.

ويستفيد ملّاك الشاليهات من مياه حوض السباحة عند تغييره لسقاية مزروعاتهم، كما تؤجر خلال فصل الشتاء (لانعدام السياحة) بعقود شهرية للراغبين، خاصة من الوافدين أو المهجرين إلى المكان، وأحياناً يتم تقديم هذه الغرف مجاناً قبل أن يبدأ موسم الاصطياف.

تتنوع درجات السياحة في دركوش بحسب القدرة المادية للزائرين، حيث يتوزع المصطافون على الخيام المنتشرة على شاطئ النهر أو على المسابح والشاليهات.
يرى أبو خالد “زائر للمدينة” أن تكاليف الرحلة والإقامة بشاليه مرتفعة بشكل كبير ولا تتناسب مع دخل الفرد في الشمال السوري، فمتوسط تكلفة الرحلة إلى تلك الأماكن تقارب 30 ألف ليرة سورية للعائلة الصغيرة، وهو ما دفع الكثير من الأهالي لصرف النظر عن تلك الرحلات، بينما يستعيض بعضهم باستئجار خيمة يستظلون بها على ضفاف العاصي حيث تنتشر عشرات الخيام التي شيدها أصحاب المزارع على ضفاف العاصي هناك، بما يقارب 3000 ليرة لليوم.

تغيب الرقابة من قبل المؤسسات الحكومية أو المجالس المحلية على الأسعار التي يفرضها أصحاب المنشآت السياحية وذلك “بسبب فقدان الاستقرار في المنطقة، ويكون لصاحب المنشأة الدور الأبرز في تحديد الأسعار بما يتناسب مع مشروعه والتكلفة التي تكبدها والخدمات التي يقدمها” بحسب رئيس المجلس المجلي برهان كعدة، والذي أضاف “يتجاوز عدد المنشآت السياحية الموجودة في دركوش 100 منشأة أغلبها غير مرخصة بسبب غياب مديرية السياحة، بينما يعمل المجلس المحلي على تنفيذ التراخيص الإدارية.
كما يعمل المجلس على تقديم خدمات النظافة لتلك الشاليهات حسب إمكانياته ولا يتقاضى أي ضرائب أو رسوم سياحية في الوقت الحالي بينما اعتاد أصحاب تلك المنشآت على دفع الضرائب قبل سنوات الثورة”.

لم تتأثر الأحياء السكنية البعيدة عن النهر بواقع المدينة السياحي وحافظت تلك الأحياء على أسعارها وإيجارات المنازل الموجودة بها بحسب أحد النازحين إلى المدينة، والذي يرى أن أسعار مدينة دركوش أفضل بكثير من بقية المناطق الحدودية بينما تتميز دركوش بانخفاض أسعار الخضروات الموجودة بها أثناء الموسم بسبب وفرة الأراضي الزراعية .

كأس الشاي مقياس لنقاوة المياه المفلترة في إدلب

محمد الأسمر

يقدر عدد ورشات الفلترة الموجودة في شمال سوريا بخمس عشرة ورشة موزعة في عدة مناطق، جميعها يعمل دون مراقبة مباشرة من المجالس المحلية والدوائر الحكومية، الأمر الذي يدفع البعض للتشكيك بنقاوتها وعدم اختلافها عن المياه التي تصل للمنازل عن طريق السيارات المتنقلة. ليبقى كأس الشاي هو المخبر الأفضل الذي يميز به الناس المياه الكلسية عن غيرها

ترتفع نسبة الشوائب والشوارد الكلسية في مياه الآبار الارتوازية المنتشرة في مدينة إدلب وأريافها، وقد تصل إلى نسب تستحيل معها صلاحية المياه للشرب، ما يدفع الأهالي للبحث عن آبار أكثر نقاوة أو الاعتماد على المياه المفلترة.

يقول أبو عدي (نازح إلى معرة مصرين) بالقرب من إدلب إنه لم يستمتع بشرب “كأس شاي خمير” منذ وصوله إلى المدينة، فلون

الشاي وطعمه يتأثر بطبيعة هذه المياه الكلسية في الغالب، والتي يشتريها “عبر الصهاريج” التي تعتمد على الآبار الارتوازية في القرية، وهو ما دفعه لشراء المياه المفلترة لاستخدامها في الشرب وصناعة المشروبات والأطعمة، أما مياه الآبار فيتركها للاستخدام المنزلي كـ “الاستحمام والغسيل والتنظيف”، خوفاً مما تسببه من أمراض.

تحدد نوعية البئر ونظافة الصهاريج طبيعة المياه التي يتم نضحها وإيصالها إلى الأهالي، بحسب المجلس المحلي لمعرة مصرين، إلّا أن الطبيعة الكلسية تكاد تكون عاملاً موحداً بين جميع الآبار في المنطقة، ويعمل المجلس المحلي على تقديم مياه أكثر نقاوة لسكان المدينة إلّا أنها لا تغطي كافة احتياجات السكان، ما يضطرهم للبحث عن بدائل.

ومع ازدياد الحاجة لمياه نقية انتشرت ظاهرة بيع المياه المفلترة بشكل أوسع في مدينة إدلب والقرى المحيطة بها، وارتفع عدد المراكز المختصة التي تعمل على فلترة المياه وتعبئتها في عبوات مخصصة أو توزيعها على خزانات ضخمة في أماكن محددة ليتم بيعها، وشكلت تلك المياه مصدراً جديداً لتأمين مياه الشرب الصحية للسكان، وعبئاً مالياً إضافياً، غذ يبلغ سعر اللتر الواحد عشر ليرات، وعليه فإن متوسط احتياجات العائلة المكونة من خمسة أشخاص يزيد عن ثلاثة آلاف ليرة بشكل شهري تضاف إلى كلفة المياه التي يحتاجونها للاستعمال المنزلي.

يرى بعض من التقيناهم أن “السعر غير مدروس، وهو لا يتناسب مع دخل الفرد”، ويتساءلون عن دور المجالس المحلية أو المؤسسات المعنية بالرقابة لفرض تسعيرة محددة تتم عبر حساب الكلفة وتحديد الأرباح لأصحاب مراكز الفلترة، وهو ما برره أحمد المعاط (صاحب واحدة من ورش الفلترة) يقول “إن الأسعار مناسبة ومدروسة بدقة، وعلينا أن نأخذ بالاعتبار الكلفة الواقعة على هذه المراكز، من تأمين المياه وحتى التصفية والتي تمر عبر عشرة مراحل، ناهيك عن التحاليل المخبرية والرقابة وثمن العبوات البلاستيكية والمصاريف التشغيلية”.

وعن آلية عمل تلك الورشات يقول “المعاط” إنه وبعد استخراج المياه من البئر الارتوازي تمر المياه في مرحلة “الرمل” بهدف سحب الشوائب من المياه، ثم تنتقل لمرحلة “الفحم” لتخليصها من الطعم والرائحة الغريبة لتدخل بعدها إلى جهاز “الريزين” الذي ينقيها من الكلس لتنقل بعدها إلى جهاز “المابرم” لفرز المياه الصالحة للشرب عن المياه الآسنة، تنتقل المياه الصالحة للشرب بعدها إلى مرحلة التعقيم عبر الأشعة تحت البنفسجية والتي تقتل البكتريا والطفيليات إن وجدت بالماء، وبين كل مرحلة من المراحل السابقة هناك حشوات فلترة بمسامات ضيقة جداً هدفها تصفية المياه بشكل أكبر”.

 

 

تنتج ورشة “المعاط” حوالي ألف ليتر مفلتر من المياه في كل ساعة، ويعتمد صاحب الورشة على أحد المخابر الموجودة في مدينة إدلب لتحليل المياه بعد خروجها من أجهزة الفلترة بالإضافة لمقاييس الكلس والأملاح الموجودة في الورشة، حيث يجري تحليلات دورية “كل ثلاثة أشهر” بهدف المحافظة على نقاوة المياه، كما يقوم صاحب الورشة بجولات تحليل على المراكز التي تبيع المياه التي يفلترها للتأكد من صلاحية تلك المياه وخلوها من الأملاح والكلس.

تباع تلك المياه بعبوات مختلفة بعضها قابل للاستبدال، كما يعمد أصحاب تلك الورشات على التعاقد مع محلات السمانة بهدف اعتمادهم كمراكز لتوزيع تلك المياه عبر بيعها من خزانات مخصصة.

يقدر عدد ورشات الفلترة الموجودة في شمال سوريا بخمس عشرة ورشة موزعة في عدة مناطق، جميعها يعمل دون مراقبة مباشرة من المجالس المحلية والدوائر الحكومية، الأمر الذي يدفع البعض للتشكيك بنقاوتها وعدم اختلافها عن المياه التي تصل للمنازل عن طريق السيارات المتنقلة. ليبقى كأس الشاي هو المخبر الأفضل الذي يميز به الناس المياه الكلسية عن غيرها.

“الجوهري” حارة في إدلب تختار وافديها وتحرسهم

محمد الأسمر

القرب من مسجد الحي الذي يحمل اسم “الجوهري”، والذي أعطى للحي اسمه، تقابلك عدد من “الجلّاسات –مساطب” المتوزعة على طرفي الزقاق، يستريح فيها أهالي الحي ويتبادل المسنون عليها الأخبار والحكايات، وفي الجهة المقابلة “حمام الهاشمي”، تقول اللوحة المعلقة على بابه إن بانيه “هاشم المعلم سنة 1882م”، يحكي الأهالي أنه كان أحد أشهر حمامات المدينة قبل أن يغلق أبوابه بوفاة صاحبه في تسعينيات القرن الماضي.

مئذنة الحي القديمة تطلّ عليك بارتفاعها “القصير”، وتبتعد عنك مجرد ابتعادك قليلاً عن المكان، وللمسجد باب صغير ينظم دور الداخلين، إذ لا يسمح بالتزاحم، واحداً واحداً يسمح لنا بالولوج إلى داخله، “يعرف بانيه أننا فوضويون”، قلت وأنا أحاول أن أخمن ما كان يدور في باله عند اختيار باب صغير لمسجد عكس الطراز العمراني السوري والذي غالباً ما يعتمد فيه على أبواب واسعة ومتعددة في المساجد.

تكورت على نفسي في الفراش ودسست رأسي تحت الوسادة حين أيقظ نومي القلق صوت يشبه ما اعتدته خلال الأيام الأخيرة التي قضيتها في مدينة كفرنبل خلال استهدافها بالبراميل المتفجرة، الصوت بدا قريباً “أردت الموت دافئاً” قلت في نفسي قبل أن يلهج لساني بالشهادة، لأتذكر أني الآن في مكان آخر، تحسست جسدي وأنا أسمع الصوت يبتعد بحركة متواترة، “أنا الآن في إدلب والصوت كان لما يطلق عليه السكان الطريزينة”.

“الذي تقرصه الأفعى يخاف من جرّة الحبل”، ركنت للمثل الذي أسعفتني به الذاكرة، فالرّعب الذي أخذ مكانه في قلبي كان حالة طبيعية أردت إخفاءها عن عائلتي، إلّا أن نظرة واحدة في وجوههم كانت تكفي لحكاية المشهد مكرراً داخل كل منا، ارتديت ثيابي لأهرب وأغيب في تفاصيل الحارة الشعبية التي اختارتني للسكن فيها، في الوقت الذي حاول فيه كل فرد من العائلة إشغال نفسه بحدث آخر يخفف وطأة “صوت الموت” العالق في أذهاننا.

الجدران المتلاصقة لمنازل حارة الجوهري في إدلب، سكني الجديد، أرغمتني على مدّ ذراعي بحركة طفولية لتلمسها، كانت تبدو وكأنها تتعانق، قلت إن الأماكن لا تخضع لسطوة المنطق، ما زالت حتى الآن ملتحمة ومتماسكة، بينما توزعنا نحن على جغرافيا العالم.

لا تمرّ الحافلات والسيارات الخاصة في حارة الجواهري، أزقتها أضيق من أن تخترقها الحداثة، وهو ما دفع معظم الأهالي لاقتناء “الطريزينات” في تنقلهم، يتوسطها زقاق رئيسي يمتد على طول مئتي خطوة عددتها وأنا أحاول التزام مسافة واحدة في كل خطوة، يتخلله أربعة أزقة فرعية كل منها يأخذك إلى خارج حارة الجوهري، ابتسمت للخيارات التي تمثل الجهات الأربع، نحن لم نكن نملك سوى جهة واحدة خلال حياتنا السابقة، وسألت نفسي لماذا لا يملك الإنسان (أربعة أيدي للدلالة على الجهات) فاستخدمت ظلي الذي ارتسم على جدران المنازل لإكمال البوصلة، الغبار لا يقع على الأرض في حارة الجوهري، فكل بوصة مشغولة، حالها حال الحارات الشعبية والأزقة القديمة في المدن السورية، لا مساحات زائدة عن الحاجة عند الفقراء.

جهلي بالجهات أقعدني عن معرفة اتجاه الأبنية الحديثة التي بدأت بالاقتراب من حارة الجوهري، لعلها الجهة الغربية، قلت في نفسي لمعرفة قديمة اكتسبتها من حياتي في المدن السورية، “الغرب دوماً مصدر الحداثة والأبنية الجديدة، الشرق حظ الفقراء والتاريخ”.

كأنها بناء منسوخ على “آلة فوتو كوبي”، معظم بيوت الحي قديمة الطراز وبأشكال متشابهة، كأن بانيها معمار واحد أنشأها على طابقين يتوسطهما باحة سماوية محاطة بغرف طينية قديمة بسماكة جدران تزيد عن ستين سنتيمتراً، يستغلها أصحاب البيوت لصناعة “خرستانات وخورنقات” تضم الجزء الأكبر من أمتعة المنزل والمونة.

بالقرب من مسجد الحي الذي يحمل اسم “الجوهري”، والذي أعطى للحي اسمه، تقابلك عدد من “الجلّاسات –مساطب” المتوزعة على طرفي الزقاق، يستريح فيها أهالي الحي ويتبادل المسنون عليها الأخبار والحكايات، وفي الجهة المقابلة “حمام الهاشمي”، تقول اللوحة المعلقة على بابه إن بانيه “هاشم المعلم سنة 1882م”، يحكي الأهالي أنه كان أحد أشهر حمامات المدينة قبل أن يغلق أبوابه بوفاة صاحبه في تسعينيات القرن الماضي.

مئذنة الحي القديمة تطلّ عليك بارتفاعها “القصير”، وتبتعد عنك مجرد ابتعادك قليلاً عن المكان، وللمسجد باب صغير ينظم دور الداخلين، إذ لا يسمح بالتزاحم، واحداً واحداً يسمح لنا بالولوج إلى داخله، “يعرف بانيه أننا فوضويون”، قلت وأنا أحاول أن أخمن ما كان يدور في باله عند اختيار باب صغير لمسجد عكس الطراز العمراني السوري والذي غالباً ما يعتمد فيه على أبواب واسعة ومتعددة في المساجد.

يقودك الباب لباحة سماوية تحيط بها غرف المسجد من كل جانب لتشكل صندوقا مغلقاً، فيمنحك المكان روحانية جديدة تختلف عن المساجد الحديثة المزينة بالرخام والأنوار. في صدر البناء يتموضع القسم الأساسي من المسجد مزيناً بقناطر محمولة على أعمدة ضخمة صنعت من الحجارة المغمسة بالطين، استمد المسجد اسمه من الشيخ علي الجوهري أحد أعمدة العلم في إدلب والذي قصدها من بغداد في منتصف القرن الثامن عشر لينهل العلم من مشايخها ثم يتحول مع تقدم السنين إلى مفتي المدينة ليأخذ الجامع اسمه ويُنسى اسمه القديم “جامع مكي”.

ليس ببعيد عن المسجد تتربع فوق الزقاق غرفة ارتكزت على جدران منزلين متقابلين، تشعرك وكأنك تعبر ضمن نفق، تذكرك تلك الغرف بالمقولة الشامية “عيرني حيطك”، كانت تلك الغرفة مع رفيقيها الحمام والمسجد حرّاس الحي الذين منعوا الطريق الرئيسي المؤدي إلى السوق من المرور فيه.

دكاكين السمانة تنتشر في الحي، تبدو أكثر مهن سكانه، بينما تشكل “الطريزينة” مصدر دخل لباقي العائلات التي تعتمد عليها في نقل الخضار وبيعها صباحاً، وتجارة “الخردوات والأدوات العتيقة والبلاستيك” مساء.

يتعرج زقاق الحي بين المنازل، ويزداد ضيقاً بشكل تدريجي قبل أن يفضي بك إلى ساحة عامة تنقلك إلى سوق المدينة، هناك عالم آخر على بعد خطوات، ضجيج وأبنية طابقية وحافلات متنوعة وغبار ودخان، وكأنك خرجت للتو من نفق في الذاكرة.

في طريق العودة نسيت خوفي من صوت “الطريزينة” وأنا التصق بالجدار أمامي كي أسمح لها بالمرور، وأنا أشم رائحة البنزين الصادر عن محركها المصنع محلياً ممزوجاً برائحة الجدران العتيقة.

أبو أحمد “السكيفاتي” بين مطرقة وسندان حرفته القديمة

محمد الأسمر

متل “موظف الحكومة” يجيبنا أبو أحمد عن روتين عمله اليومي، فمنذ ثلاثين عاماً، يوم فتح دكانه الخاص، وهو يواظب على فتحه وإغلاقه في ساعة محددة، حتى اللحظة، بالرغم من ضعف العمل خلال السنوات الأخيرة، إذ لا يتعدى عدد زبائنه أصابع اليد الواحدة، ولا يسدّ ما يتقاضاه من عمله جزء من أكلاف حياته اليومية إلّا أن مهنته ودكانه أصبحا جزء من حياته لا يستطيع التخلي عنهما.

في مسافة لا تتجاوز خمسة أمتار مربّعة، وفي أحد أحياء إدلب القديمة، يضع أبو أحمد عدّته القديمة والتي رافقته لعقود كثيرة خلال عمله بإصلاح الأحذية “السكيفاتي” كما يطلق عليها، يرتبها بشكل لافت للنظر كل صباح وينتظر قدوم الزبائن إلى محله.

طاولة خشبية قديمة يضع عليها “مطرقة وشاكوش الدق وعدد من البنسات والأدوات الحديدية اللازمة لعمله” تتصدر واجهة محلّه الصغير، على اليمين ماكينة خياطة يدوية يستخدمها أبو أحمد في خياطة “الأحذية الرقيقة”، ويتكئ عليها حين خلوّ المحل من الزبائن، بينما امتلأت الجدران بصور قديمة لمدينة إدلب زادت من قدم المكان وأصالته.

اتخذ أبو أحمد لنفسه كرسياً عتيقاً في صدر المحل، واضعاً مجلساً لزبائنه بالقرب من باب دكانه، وهو كان مقعدنا عند زيارته للحديث عن مهنة الإسكافي القديمة التي ورثها عن والده، والتي بدأ بممارستها منذ عام 1952 يقول إنه ذهب إلى دكان والده ليخبره بحاجته بعض النقود المطلوبة لمتابعة دراسته الإعدادية، إلا أن والده طلب إليه التزام الدكان لتعلم مهنة آبائه، فهي “إن ما غنت بتستر”، على حدّ قوله.
ينظر أبو أحمد إلى دكانه الخالي من الزبائن، يقول ” سابقاً ما كنت تقدر تحط إجرك”، خاصة وأنه اختار موقعاً “استراتيجياً” مكتظاً بالسكان في المدينة، إلّا أن الأحوال تبدّلت وباتت مهنة الإسكافي كاسدة في هذه الأيام، ليصف حال دكانه اليوم بـ “المكان التراثي”، بعد دخول الصناعة الحديثة في مهنة الأحذية.

يقضي أبو أحمد ساعات طوال خلف طاولته يستحضر ماضيه، يقول إنه في البداية لم يكن مهتماً بتعلم الصنعة من والده، إنما أغرته “الخمس ليرات” التي وعده والده بتقاضيها عن عمله، فترك الدراسة واتجه نحو تعلم أسرار المهنة التي استهلكت ست سنوات من عمره لإتقانها، يقول “يومها لم تكن مهمة السكيفاتي صيانة الأحذية وخياطتها فقط، بل كانت وظيفته الأولى صناعة الأحذية بشكل كامل وحسب الموديل الذي يطلبه الزبون”.
عشرات القوالب كانت تنتشر في محل والده ليختار القالب المناسب لقدم الزبون، ويبدأ بقص الجلود وشدها على قالبها المناسب “في تلك الفترة كانت المهنة تدر دخلاً ممتازاً” ويصفها بـ “المهنة الذهبية”، بحسب أبي أحمد الذي قال “كنا نبيع القندرة بـ 15 ليرة بزمن كان غرام الدهب بأربع ليرات”.
يقطع أبو أحمد حديثه ويلتفت لشاب دخل إلى محله، فالحصول على زبون في هذه الفترة أمر جيد، لاسيما وأن أبا أحمد لم يستقبل أي زبون اليوم. يمعن النظر في الحذاء الذي جلبه الزبون بعين خبيرة ليقرر إن كان قابلاً للإصلاح أم لا، ثم يباشر عمله عبر مطرقة وسندان سئما هذه المهنة قبل أن يسأمها صاحبها.

يعزو أبو أحمد تراجع عمل الإسكافي القديم لدخول أنواع وآلات جديدة لإصلاح الأحذية، فمعظم المحال الجديدة مزودة بماكينة كهربائية تستخدم لخياطة أكثر سرعة وتقنية من المعدات القديمة وخاصة للأحذية الجلدية، وهو ما يجعل الزبائن تقصدهم، كذلك انتشار معامل الأحذية وتلك المستوردة من الخارج بأسعار مقبولة وبأشكال أكثر جمالاً و”أقل متانة”، يضاف إلى ذلك محلات “البالة” والتي بإمكانك الحصول منها على حذاء بجودة ممتازة وبأسعار لا تتجاوز ألف ليرة سورية.

متل “موظف الحكومة” يجيبنا أبو أحمد عن روتين عمله اليومي، فمنذ ثلاثين عاماً، يوم فتح دكانه الخاص، وهو يواظب على فتحه وإغلاقه في ساعة محددة، حتى اللحظة، بالرغم من ضعف العمل خلال السنوات الأخيرة، إذ لا يتعدى عدد زبائنه أصابع اليد الواحدة، ولا يسدّ ما يتقاضاه من عمله جزء من أكلاف حياته اليومية إلّا أن مهنته ودكانه أصبحا جزء من حياته لا يستطيع التخلي عنهما.

صندوق التكافل الاجتماعي في تل مرديخ.. نجاح استدعى استنساخ التجربة

محمد الأسمر

يقوم أحمد، وهو يعمل في حلاقة الشعر للرجال، بترتيب أدوات محلّه الصغير الواقع على الطريق بين مدينة سراقب وقرية تل مريخ بريف إدلب، يضع علب العطور والكولونيا في مكانها ويتفقد […]

يقوم أحمد، وهو يعمل في حلاقة الشعر للرجال، بترتيب أدوات محلّه الصغير الواقع على الطريق بين مدينة سراقب وقرية تل مريخ بريف إدلب، يضع علب العطور والكولونيا في مكانها ويتفقد شحن “ماكينة الحلاقة الكهربائية”.

يصل زبون إلى محل الحلاقة وينشغل أحمد بعمله الذي يتقاضى عليه أجراً، يمكن من خلاله أن يؤمن احتياجاته الأساسية، بحسب ما أخبرنا، ليضيف أن صالون الحلاقة خاصته لم يكن ليرى النور لولا المساعدة التي تلقاها من صندوق التكافل الاجتماعي في قرية تل مريخ، والذي تكفل بدفع إيجار المحل وشراء كافة التجهيزات والمستلزمات التي مكنت أحمد من الانطلاق بعمله.

وصندوق التكافل هو أحد المبادرات الفردية الفاعلة في الشمال السوري، تأسس في منتصف عام 2016 من قبل مجموعة من الشباب لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، في قرية تل مرديخ، جمعتهم فكرة الاعتماد على الموارد الذاتية لمساعدة أهالي القرية، لتتبلور بعدها الفكرة بدعم المشاريع متناهية الصغر، ليسهم في مساعدة مئات العائلات من أبناء القرية منذ بداية عمله وحتى اللحظة.
يعمل صندوق التكافل على تلبية الاحتياجات الإنسانية، فيقوم بتمكين القادرين على العمل ودعمهم لإنشاء مشاريعهم الخاصة، وتحويلهم إلى منتجين والحد من اعتمادهم على المساعدات الإنسانية، خاصة مع توقف معظم المنظمات وازدياد عدد الوافدين للدرجة التي لم يعد هناك استجابة حقيقية لأبسط مقومات الحياة، كما يعمل أيضاً على تلبية الاحتياجات الخاصة بالمحتاجين، وفيما يخص قطاعي التعليم والصحة.
يقول أحمد شبيب (أحد مؤسسي الصندوق) إن الهدف الأساسي الذي بني من أجله الصندوق كان آنذاك لتأمين مبالغ مالية لخمس وعشرين عائلة من أبناء القرية، يعانون ظروفاً حياتية قاسية، وتقرر منح هذه العائلات مبلغ 20 ألف ليرة بشكل شهري ومنتظم تقدم من قبل أعضاء الصندوق.

تطورت فكرة صندوق التكافل ليدخل في نطاق الخدمة المجتمعية، وبدأ بقطاع التعليم حيث “نظم الصندوق دورة تدريبية لكافة أطفال القرية من طلاب المرحلة الابتدائية، وتكفل بكامل أكلاف الدورة التي استمرت لثلاثة أشهر”، يقول الشبيب الذي أضاف “إن المسؤولين عن صندوق التكافل قاموا بإنشاء صندوق الطوارئ الطبية، ومهمته المساهمة بإجراء العمليات الجراحية أو التداخلات الطبية للعائلات المحتاجة، وتقديم قسائم دوائية تصرف من واحدة من الصيدليات المتعاقَد معها في القرية”.

يستجيب الصندوق في الحالات الطارئة، يقول الشبيب، ويضرب مثالاً عن حملات النزوح التي تطال القرية، إذ عمل الصندوق على تأمين خمسة وسبعين منزلاً لعائلات من القرية خلال نزوحهم، كما عمل على تأمين سيارات خاصة لإعادتهم بعد انتهاء الحملة وعودة الاستقرار إليها.
في شهر رمضان الحالي يقوم الصندوق ومن خلال حملة “رمضان الخير” بالتخفيف عن العائلات المحتاجة الصائمة نتيجة الأوضاع السيئة التي يعيشونها، من خلال توزيع سلل غذائية يومية إضافة لمبالغ نقدية، يقول الشبيب إن عدد المستفيدين خلال الأيام العشر الأولى من رمضان بلغ مئتان وخمسون عائلة، كما عمل الصندوق على تزويد مولدة القرية خلال الشهر الحالي بالوقود على نفقته لرفع عدد ساعات تشغيل الكهرباء تلبية لاحتياجات الأهالي خلال فترة الصيام.
يعتمد القائمون على الصندوق على التمويل الداخلي، بعيداً عن أي دعم من المنظمات التي من شأنها تغيير بعضاً من مبادئ عملهم، يقولون “إن الثبات على هذه الأفكار كانت عاملاً قوياً في استمرارنا، ولدينا العزم للاستمرار”.

نجاح التجربة ساهم في استنساخ فكرة صندوق تل مريخ ونظامه الداخلي في عدة مناطق كـ “سراقب –الجانودية –معردبسة –العيس”، ويأمل القائمون على الفكرة بانتشارها بشكل أوسع لتشمل كافة مناطق الشمال السوري، وهو ما سيسهم في بناء حياة اجتماعية قوية ومتماسكة، إضافة لتمكين الأهالي من القدرة على كسب لقمة العيش، يقول أحمد “إنه يحب عمله، لم يكن ينقصه سوى أن يجد نفسه ضمن صالون يخصه، وهو ما حدث، وسيعمل على تطوير مشروعه خلال الأيام القادمة”.

 

السيالة ترافق أهالي حماة في نزوحهم

محمد الأسمر

في العامين الماضيين بدأت تنتشر تلك الأكلة التراثية بين أهالي إدلب وصارت من الحلويات الحاضرة والتي تقام عليها الولائم في السهرات ويدعى إليها الأهل والأصحاب، ليشكل النزوح ورغم سلبياته حالة جديدة من حالات تمازج الثقافات التي باتت متبادلة بين أهالي إدلب وأهالي المحافظات الذي لجؤوا إليها خلال سنوات الثورة.

على دفة خشبية صغيرة تجلس أم محمد مقابل بابور الكاز الذي أوقدته تحت صفيحة سميكة من الحديد، تعرف بـ “حجرة السيالة” لتحيط بها بناتها وزوجات أبنائها على أمل أن يتعلمن الطريقة التي حفظتها كبيرتهم عن والدتها، تتفحص أم محمد صفيحة الحديد بين الحين والآخر بانتظار أن تصل لدرجة الحرارة المطلوبة لتسكب عليه خليط الطحين الذي أعدته منذ قليل لصناعة رقائق “السيالة” الحلو المناسب لهذه السهرة الشتوية.
تعرف السيالة بأنها من الأكلات الحموية التراثية ورغم انتشارها اليوم في بقية المحافظات إلا أنها تنسب لمدينة حماة ويعود تاريخ صناعتها لأوائل العصر العباسي نقلاً عن مخطوطة المأكولات العباسية، ولم يُذكر السبب الرئيس لتسميتها بهذا الاسم  وقد تكون سميت هكذا لأن عجينتها تسيل على الحجرة المخصصة لصناعتها سيلاناً، على خلاف كل أنواع الحلويات التي تحتاج إلى “المشبك” أو اليد لمد العجينة المتماسكة، لكن من المؤكد أن تلك الأكلة نالت حظوتها في كتابات المؤرخين.
اشتهرت أم محمد بين جاراتها بخفتها في صنع تلك الرقائق، فقد اعتادت صناعتها كل أسبوع قبل أن تترك مدينتها حماة وتخرج إلى إدلب.


تصنع السيالة الحموية بصنفين “سميك ورقيق” تقول، وتختلف مقادير كل صنف لتمنحه طعماً مميزاً عن الآخر، لكن الرقائق أكثر انتشاراً. وتعرف السيالة بأنها الحلوى الوحيدة التي لن تجدها في المحلات، فقد اعتاد عشاقها على صنعها في منازلهم، قبل أن تختص بعض محلات المعجنات بصناعة رقائقها، إلّا أن تحضريها لا يتم إلا في المنازل.
تسكب أم محمد كوباً من خليط سائل صنعته من الماء والدقيق والملح والسكر والقليل من الخمائر على صفيحة الحديد وتمدها بيدها لتحصل على رقيقة دائرية كـ “شكل الصفيحة”، تنتظرها لثواني معدودة قبل أن تنزعها لتقلبها على الوجه الآخر وتتفحص جودة العمل. ترمقنا أم محمد بنظرة فخر تُفهم من عينيها قبل أن تخبرنا بأن سيالتها “أرق من الورقة” كدليل على جودة الصنعة، حيث تشتهر تلك السيدة بين نساء الحي بقدرتها على صنع السيالة بهذه الجودة، بينما تتمنى ابنتها نهى أن تتمكن يوماً من صناعة السيالة على طريقة والدتها.

تعيش أم محمد اليوم في مدينة كفرنبل بريف إدلب بعد اضطرارها للنزوح، تقول إنها تعيش على ذاكرتها، وكلما استفزها الحنين إلى حياتها السابقة تلجأ لصناعة السيالة ودعوة من وفَد معها من أقاربها وأصدقائها، لتبدأ سهرات من الحكايا والقصص والذكريات.


ترصف أم محمد رقائق العجين فوق بعضها البعض بعناية فائقة خوفاً من تمزقها  بعد وضع طبقة من الطحينة والسمن على كل رقيقة، ثم تدخلها الفرن لدقائق قليلة قبل تقطيعها وغمرها بالقطر.
تختلف المكونات اليوم عن تلك التي كانت تستعملها أم محمد في مدينة حماة حيث كانت تصنعها بطريقتين حسب رغبة الضيوف، ويشكل الجوز البلدي والسمن العربي أهم عناصرها، حيث يفرش بكمية كبيرة بين رقائقها في الطريقة الأولى بينما يستعمل الدبس والطحينة بدل الجوز في الطريقة الثانية، لكن ارتفاع الأسعار خلال السنوات الأخيرة دفعها للاقتصار في صنعها على هذه المكونات.
تخرج أم محمد وجبتها من الفرن وتروي طبقاتها بالقطر الممزوج بالسمنة التي ستمنحها لمعاناُ مميزاً، قبل أن تضعها على مدفأة الحطب لتحافظ على حرارتها ريثما يجتمع أفراد العائلة.
تسكب أم محمد صحناً من السيالة المزينة بجوز الهند وترسله لجارتها “الكفرنبالية” أم علي  التي عبرت عن سعادتها بتذوق هذه الأكلة من جديد، وترى أم علي أن لكل مدينة أسلوبها في صناعة الأكلات التراثية التي تشتهر بها ويصعب على الآخرين إخراجها بنفس الجودة حتى لو اتبعت نفس الأسلوب في الصناع فـ”الأكل نفس”  قبل أن يكون مجموعة من المكونات، بحسب أم علي.

يلتم الأحفاد والأولاد  حول والدتهم متسابقين للحصول على نصيبهم من السيالة الساخنة لتسيطر على أجواء السهرة مشاكسات الأطفال وأحاديث الكبار التي لا تخلو من استحضار سير بعض الأقارب ممن كانوا يشتهرون بشغفهم لهذه الأكلة عند أم محمد، تعلو الضحكات عند ذكر المواقف الطريفة التي عاشوها حول نفس الطبق لكنه ضحكات لا تخلو من الغصة للأيام الجميلة التي عاشوها في حماة.
يعم المكان ثوان معدودة من الصمت قبل أن يقطعه محمد “ما في أطيب من السيالة بالبرد” كمية السكر الموجودة ضمن السيالة مع السمن والطحينة تمنح الجسم طاقة وحرارة جيدة في فصل الشتاء لذا تعتبر الليالي الباردة أكثر الأوقات مناسبة لها.
في العامين الماضيين بدأت تنتشر تلك الأكلة التراثية بين أهالي إدلب وصارت من الحلويات الحاضرة والتي تقام عليها الولائم في السهرات ويدعى إليها الأهل والأصحاب، ليشكل النزوح ورغم سلبياته حالة جديدة من حالات تمازج الثقافات التي باتت متبادلة بين أهالي إدلب وأهالي المحافظات الذي لجؤوا إليها خلال سنوات الثورة.
تعلمت أم محمد من جارتها العديد من الأكلات الإدلبية مثل (المحمر العطونة والجرنة) وهي من الأكلات التراثية التي تشتهر بها كفرنبل في حين ما تزال “أم علي” تعتزم تعلم صناعة السيالة والكبة المشوية على الطريقة الحموية .
لم تغب أكلة من الأكلات التراثية التي اعتادها الناس قبل الثورة عن رفوفهم لكن ظروفهم الجديدة دفعتهم لإدخال العديد من التعديلات بما يتناسب مع الظروف المعيشية التي يمرون بها، فتم استبدال الجوز البلدي بالفستق السوداني وتم استبدال لحم الغنم بلحم الدجاج في حين غابت السمنة العربية عن تلك المأكولات ليدخل مكانها الزيت النباتي أو السمن المهدرج.